وتاريخ الدعوة الإسلامية يشهد بأن إثارة العواطف وبثّ الحماس والغيرة ينقل الإنسان من الضد إلى الضد؛ ومن ذلك: ما حدث في إسلام حمزة بن عبد المطلب. فقد كان على دين قومه، وفي عودته من رحلة الصيد، قالت امرأة له ما فعله أبو جهل بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، فأخذتْه الغيرة والحماس، وذهب إلى أبي جهل وهو في وسط أكابر قريش، فضربه بالقوس فشجّه، وقال: أتسبّه وأنا على دينه؟ وكان هذا سبباً في إسلامه.
ومن ذلك: ما كان من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما أخذ سيفَه قاصداً قتْل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقابَله رجُل وقال: إلى أين يا ابن الخطاب؟ قال: أقْتُل مَن عاب ديننا وسبّ آلهتنا. فقال: ارجعْ إلى أختك فاطمة وزوجها، فقد أسلما. فتحرّك الغضبُ في نفسه، وعاد إلى بيت أخته. وحدث ما حدث؛ وكان هذا سبباً في إسلامه.
ونلحظ أسلوب الاستثارة في القرآن الكريم؛ ومن ذلك: قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}(الحديد:١٦).
ولقد أقرّ -صلى الله عليه وسلم- غيرة سعد -رضي الله عنه- حينما قال:"والله لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربتُه بالسيف غير مصفح". فبلغ ذلك رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ((أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني. ومن أجل غيرة الله حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن. ولا أحدَ أحبّ إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشِّرين والمنذرين. ولا أحدّ أحبّ إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعَد الله الجنة))، متفق عليه.