للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- تَكمن فيها جوانب العظمة، ويتعدّد فيها الكمال البشريّ المتوّج بوحي الله، فيزيده تألّقاً وجلالاً وجمالاً. وقد وصَفه القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:٤).

إنّ شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- كنجوم السماء المتلألئة التي تُبدِّد ظلمة الليل وتُبشِّر بضوء الصباح، ولا يعرف الناس عن أحجامها وأجرامها إلاّ القليل؛ ومهما استجلى حقيقتَها العلماء ورصدتْها المراصد والمطالع الفلَكية، فإنها لا تحصل إلاّ على النّزر اليسير عن مقدارها.

والرسول -صلى الله عليه وسلم- اصطفاه الله من بين البشر، وفضّله على سائر الخلْق، وأسبغ عليه من فضائل الأخلاق ومحامد الصفات وحسن الأقوال والأفعال، ما لا يُمكن حصْره، ممّا جعَله قدوة حسَنة وأسوة طيّبة ورحمة للعالمين؛ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء:١٠٧).

ولقد حدّد القرآن الكريم معالم وملامح الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبيّن هدف رسالته والغاية المرجوّة فيها في آيتيْن، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (الكهف:١١٠).

وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة:١٢٨).

وحياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزيرة العطاء، كثيرة المحامد، تتعادل كلّها وتتوازن في تناسق وتكامل، فلا يبرز خُلُق عن خُلُق آخر، ولا تعلو صفة على صفة أخرى.

فهو -صلى الله عليه وسلم- مَعين لا يَنضب لكلّ خُلُق، ونهر عذب فرات يروي ظمأ كل مغترف منه. فهو البشر الرسول المؤيَّد بالوحي، المعصوم من الزلل والخطإ. تتألّف فيه شخصية المربِّي والمعلِّم والموجِّه لأصحابه إلى مجامع الخير. وهو القائد البارع الذي

<<  <   >  >>