للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتنزهون١ عن الوصول للمارستان المذكور من الغرباء خاصة وينهون إلى الأطباء أحوالهم ليتكلفوا بمعالجتهم.

ومن أشرف هذه المقاصد أيضا أن السلطان عين لأبناء السبيل من المغاربة خبزتين لكل إنسان في كل يوم بالغا ما بلغوا ونصب لتفريق ذلك كل يوم انسانا أمينا من قبله فقد ينتهى في اليوم إلى الفي خبزة أو أزيد بحسب القلة والكثرة هكذا دائما، ولهذا كله أوقاف من قبله حاشى ما عينه من زكاة العين لذلك وأكد على المتولين لذلك متى نقصهم من الوظائف المرسومة شيء أن يرجعوا إلى صلب ماله وأما أهل بلده ففي نهاية من الترفيه وإتساع الأحوال لا يلزمهم وظيف البتة. ولا فائد٢ للسلطان بهذا البلد سوى الأوقاف المحبسة المعينة من قبله بهذه الوجوه وجزية اليهود والنصارى وما يطرأ من زكاة العين خاصة٣ ليس له منها سوى ثلاثة أثمانها والخمسة الاثمان مضافة للوجوه المذكورة.

وهذا السلطان الذي سن هذه السنن المحمودة ورسم هذه الرسوم الكريمة على عدمها في المدة البعيدة وهو صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب وصل الله صلاحه وتوفيقه.

ومن أعجب ما اتفق للغرباء أن بعض من يريد التقرب بالنصائح إلى السلطان ذكر أن أكثر هؤلاء يأخذ ون جزاية الخبز ولا حاجة لهم بها رغبة في المعيشة لأنهم لا يصلون إلا بزاد يقلهم٤ فكاد يؤثر سعى هذا المتنصح

فلما كان في أحد الأيام خرج السلطان المذكور على سبيل التطلع خارج بلده فلتقى منهم جماعة قد لفظتهم الصحراء المتصلة بطرابلس وهم قد ذهبت


١ يتنزهون: يترفعون.
٢ لعله أراد بالوظيف الوظيفة، أي ما يقدر لهم من رزق ونحوه. الفائد: الفائدة، الربح.
٣ زكاة العين: التي تدفع من الشيء عينه لا نقودا.
٤ يقلهم: يحملهم ويبلغهم ما يريدون.

<<  <   >  >>