وهذا الشهر المبارك قد ذكرنا اجتهاد المجاورين للحرم الشريف في قيامه وصلاة تراويحه وكثرة الأئمة فيه وكل وتر من الليالي العشر الأواخر يختم فيها القرآن فأولها ليلة إحدى وعشرين ختم فيها أحد أبناء أهل مكة وحضر الختمة القاضي وجماعة من الاشياخ فلما فرغوا منها قام الصبي فيهم خطيبا ثم استدعاهم أبو الصبي المذكور إلى منزله إلى طعام وحلوا قد أعدهما واحتفل فيهما.
ثم بعد ذلك ليلة ثلاث وعشرين وكان المختتم فيها أحد أبناء المكيين ذوي إليسار غلاما لم يبلغ سنه الخمس عشرة سنة فاحتفل أبوه لهذه الليلة احتفالا بديعا وذلك أنه أعد له ثريا مصنوعة من الشمع مغصنة قد انتظمت أنواع الفواكه الرطبة واليابسة واعد إليها شمعا كثيرا ووضع في وسط الحرم مما يلي باب بنى شيبة شبيه المحراب المربع من أعواد مشرجبة قد أقيم على قوائم أربع وربطت في أعلاه عيدان نزلت منها قناديل واسرجت في أعلاها مصابيح ومشاعيل وسمر دائر المحراب كله بمسامير حديدة الأطراف غرز