واتفق رحيلنا من بغداد إلى الموصل إثر صلاة العصر من يوم الإثنين الخامس عشر لصفر وهو الثامن والعشرون لمايه فكان مقامنا بها ثلاثة عشر يوما ونحن في صحبة الخاتونين خاتون بنت مسعود المتقدمة الذكر في هذا التقييد وخاتون أم معز الدين صاحب الموصل وصحبتهما حاج الشام والموصل وأرض الأعاجم المتصلة بالدروب التي إلى طاعة الأمير مسعود والد إحدى الخاتونين المذكورتين وتوجه حاج خراسان وما يليها صحبة الخاتون الثالثة ابنة الملك الدقوس وطريقهم على الجانب الشرقي من بغداد وطريقنا نحن إلى الموصل على الجانب الغربي منها. وهاتان الخاتونان هما اميرتا هذا العسكر الذي توجهنا فيه وقائدتاه والله لا يجعلنا تحت قول القائل:
ضاع الرعيل ومن يقوده
ولهما أجناد برسمهما وزادهما الخليفة جندا يشيعونهما مخافة العرب الخفاجين المضرين بمدينة بغداد
وفي تلك العشية التي رحلنا فيها فجئنا خاتون المسعودية المترفة شبابا وملكا وهي قد استقلت في هودج موضوع على خشبتين معترضتين بين مطيتين الواحدة إمام الأخرى وعليهما الجلال المذهبة وهما تسيران بها سير النسيم سرعة ولينا وقد فتح لها إمام الهودج وخلفه بابان وهي ظاهرة في وسطه متنقبة وعصابة ذهب على رأسها وأمامها رعيل من فتيانه اوجندها وعن يمينها جنائب المطايا والهماليج العتاق١، ووراءها ركب من جواريها قد ركبن المطايا والهماليج على السروج المذهبة وعصن رؤوسهن بالعصائب الذهبيات والنسيم يتلاعب بعذباتهمن وهن يسرن خلف سديتهن سير السحاب ولها الرايات والطبول والبوقات تضرب عند ركوبها
١ الجنائب، الواحدة جنيبة: ما سار إلى جانبهم من مطايا. الهماليج، الواحد هملاج: البرذون.