للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[زيادة ماء زمزم]

وفي يوم الجمعة الثاني من ذلك اليوم أصبح بالحرم أمر عجيب وذلك أنه لم يبق بمكة صبي إلا وصبحه واجتمعوا كلهم في قبة زمزم وينادون بلسان واحد هللوا وكبروا يا عباد الله فيهلل الناس ويكبرون وربما دخل معهم من عرض العامة١ من ينادى معهم بندائهم والناس والنساء يزدحمون على قبة البئر المباركة لأنهم يزعمون بل يقطعون قطعا جهليا لا قطعا عقليا أن ماء زمزم يفيض ليلة النصف من شعبان.

وكانوا على ظن من هلال الشهر لأنه قيل إنه رؤى ليلة الجمعة في جهة اليمن. فبكر الناس إلى القبة وكان فيها من الازدحام ما لم يعهد مثله ومقصد الناس في ذلك الترك بذلك الماء المبارك الذي قد ظهر فيضه والسقاة فوق التنور يستقون يفيضون على رؤوس الناس الماء بالدلاء قدفا فمنهم من يصببنه في وجهه ومنهم من يصيبه في رأسه إلى غير ذلك وربما تمادى لشدة نفوذه من أيديهم والناس مع ذلك يستزيدون ويبسكون والنساء من جهة أخرى يساجلنهم بالبكاء ويطارحنهم بالدعاء والصبيان يصيحون بالتهليل والتكبير فكان مرأى هائلا مسموعا رائعا لم يتخلص للطائفين بسنة الطواف ولا للمصلين صلاة لعلو تلك الأصوات واشتغال الأسماع والأذهان بها. ودخل إلى القبة المذكورة احدنا ذلك اليوم فكان من الزحام عنتا ومشقة فسمع الناس يقولون زاد الماء سبع اذرع فجعل يقصدالى من يتوسم فيه بعض عقل ونظر من ذوي السبال٢ البيض فيسأله عن ذلك فيقول وأدمعه تسيل: نعم زاد الماء سبع أذرع لا شك في ذلك فيقول أعن خبرة وحقيقة؟


١ عرض العامة: معظمهم.
٢ السبال، الواحدة سبلة: مقدم اللحية.

<<  <   >  >>