ثم يرجع القول إلى استيفاء حال النفر عشية الوقفة المذكورة بعرفات وذلك أن الناس نفروا منها بعد غروب الشمس كماتقدم الذكر فوصلوا مزدلفة مع العشاء الآخرة فجمعوا بها بين العشاءين حسبما جرت به سنة النبي صلى الله عليه وسلم واتقد المشعر الحرام تلك الليلة كلها مشاعيل من الشمع المسرج وأما مسجده المذكور فعاد كله نورا فيخيل للناظر إليه أن كواكب السماءكلها نزلت به
وعلى هذه الصفة كان جبل الرحمة ومسجده ليلة الجمعة لأن هؤلاء الأعاجم الخراسانيين وسواهم من العراقيين أعظم الناس همة في استجلاب هذا الشمع والاستكثار منه اضاءة لهذه المشاهد الكريمة وعلى هذه الصفة عاد الحرم بهم مدة مقامهم فيه فيدخل منهم كل إنسان بشمعة في يده وأكثر ما يقصدون بذلك حطيم الإمام الحنفي لأنهم على مذهبه وشاهدنا منه شمعا عظيما احضر تنوء الشمعة منه بالعصبة كأنه السرو وضع إمام الحنفي.