وأما جواريه وحظاياه في قصره فمسلمات كلهن. ومن أعجب ما حدثنا به خديمه المذكرو وهو يحيى بن فتيان الطراز وهو يطرز بالذهب في طراز الملك أن الإفرنجية من النصرانيات تقع في قصره فتعود مسلمة تعيدها الجواري المذكورات مسلمة وهن على تكتم من ملكهن في ذلك كله ولهن في فعل الخير أمور عجيبة. وأعلمنا أنه كان في هذه الجزيرة زلازل مرجفة ذعر لها هذا المشرك فكان يتطلع ف يقصره فلا يسمع إلا ذاكرا لله ولرسوله من نسائه وفتيانه وربما لحقتهم دهشة عند رؤيته فكان يقول لهم ليذكر كل أحد منكم معبوده ومن يدين به تسكينا لهم.
وأما فتيانه الذين هم عيون دولته وأهل عمالته في ملكه فهم مسلمون ما منهم إلا من يصوم الأشهر تطوعا وتأجرا ويتصدق تقربا إلى الله وتزلفا ويتفكا لأسرى ويربى الأصاغر منهم ويزوجهم ويحسن إليه ويفعل الخير ما استطاع وهذا كله صنع من الله عز وجل لمسلمي هذه الجزيرة وسر من أسرار اعتناء الله عز وجل بهم. لقينا منهم بمسينة فتى اسمه عبد المسيح من وجوههم وكبرائهم بعدتقدمة رغبة منه إلينا في ذلك فاحتفل في كرامتنا وبرنا وأخرج إلينا عن سره المكنون بعد مراقبة منه في مجلسه أزال لها كل من كان حوله ممن يتهمه من خدامه محافظة على نفسه فسألنا عن مكة قدسها الله وعن مشاهدها المعظمة وعن مشاهد المدينة المقدسة ومشاهد الشام فأخبرناه وهو يذوب شوقا وتحرقا واستهدى منا بعض ما استصحبناه من الطرف المباركة من مكة والمدينة قدسهما الله ورغب في أن لا نبخل عليه بما أمكن من ذلك. وقال لنا: أنتم مدلون بإظهار الإسلام فائزون بما قصدتم له رابحون إن شاء الله في متجركم ونحن كاتمون إيماننا خائفون على أنفسنا متمسكون بعبادة الله وأداء فرائضه سرا معتقلون في ملكة كافر بالله قد