وضع في أعناقنا ربقة الرق فغايننا التبرك بلقاء امثالكم من الحجاج واستهداء ادعيتهم والاغتباط بما تتلقاه منهم من تحف تلك المشاهد المقدسة لنتخذها عدة للإيمان وذخيرة للأكفان، فتفطرت قلوبنا له إشفاقا ودعونا له بحسن الخاتمة وأتحفاه ببعض ما كان عندنا مما رغب فيه وأبلغ في مجازاتنا ومكافأتنا واستكتمنا سائر إخوإنه من الفتيان.
ولهم في عفل الجميل أخبار مأثورة وفي افتكاك الأسرى صنائع عند الله مشكورة. وجميع خدمتهم على مثل أحوالهم. ومن عجيب شأن هؤلاء الفتيان أنهم يحضرون عند مولاهم فيحين وقت الصلاة فيخرجون أفذاذا من مجلسه فيقضون صلاتهم وربما يكونون بموضع تلحقه عين ملكهم فيسترهم الله عز وجل فلا يزالون بأعمالهم ونياتهم وبنصائحهم الباطنة للمسلمين في جهاد دائم والله ينفعهم ويجمل خلاصهم بمنه.
ولهذا الملك بمدينة مسينة المذكورة دار صنعة البحر تحتوى من الأساطيل على مالا يحصى عدد مراكبه وله بالمدينة مثل ذلك.