وكان المجتمع منهم في هذا العام عددا لم يجتمع قط مثله. وكذلك وصل الأمير العراقي في جمع لم يصل قط مثله ووصل معه من أمراء الأعاجم الخراسانيين ومن النساء العقائل المعروفات بالخواتين واحدتهن خاتون ومن السيدات بنات الأمراء كثير ومن سائر العجم عدد لا يحصى فوقف الجميع وقد جعلوا قدوتهم في النفر الإمام المالكي لأن مذهب مالك رضي الله عنه يقتضي أن لا ينفر حتى يتمكن سقوط القرصة ويحين وقت المغرب ومن السرو إليمنيين من نفر قبل ذلك. فلما أن حان الوقت أشار الإمام المالكي بيديه ونزل عن موقفه فدفع الناس بالنفر دفعا ارتحت له الأرض ورجفت الجبال فياله موقفا ما أهول مرآه وأرجى في النفوس عقباه جعلنا الله فمن خصه فيه برضاه وتغمده بنعماه إنه منعم كريم حنان منان.
وكانت محلة هذا الأمير العراقي جميلة المنظر بهية العدة رائقة المضارب والابنية عجيبة القباب والأروقة على هيآت لم ير أبدع منها منظرا فأعظمها مرآى مضرب الأمير وذلك إنه أحد ق به سرادق كالسور من كتان كأنه حديقة بستان أو زخرفة بنيان وفي داخله القباب المضروبة وهي كلها سواد في بياض مرقشة ملونة كأنها أزاهير الرياض وقد جللت صفحات ذلك