فيقول: نعم ومن العجيب أن كان منهم من قال إنه بكر سحر يوم الجمعة المذكور فألقى الماء قد قارب التنور بنحو القامة فيا عبجا لهذا الاختراع الكاذب نعوذ بالله من الفتنة!
وكان من الاتفاق أن اعتنينا بهذا الأمر لغلبة الاستفاضة التي سمعناها في ذلك واستمرارها من سوالف الأزمنة عند عوام أهل مكة. فتوجه منا ليلة الجمعة من أدلى دلوه في البئر المباركة إلى أن ضرب في صفح الماء وانتهى الحبل إلى حافة التنور عقد فيه عقدا يصح عند نا القياس به في ذلك. فلما كان في صبيحتها وتنادى الناس بالزيادة الزيادة الظاهرة خلص أحد نا في ذلك الزحام على صعوبة ومعه من استصحب الدول وأدلاه فوجد القياس على حاله لم ينقص ولم يزد بل كان من العجب أن عاد المقياس ليلة السبت فالقاه قد نقص يسيرا لكثرة ما امتاح الناس منه ذلك اليوم فلو امتيح من البحر لظهر النقص فيه فسبحان من خص ذلك الماء بما خص به من البركة ووضع فيه من المنفعة.
وفي صبيحة يوم السبت الخامس عشر منه تتبعنا هذا القياس استراء لصحة الحال فوجدناه على ما كان عليه ولو أن لافظا يلفظ ذلك اليوم بأنه لم يزد لصب في لابئر صبا أو لداسته الأقدام حتى تذيبه نعوذ بالله من غلبات العوام واعتدائها وركوبها جوامح أهوائها.