وأبصرنا من نخوة الملك النسائي واحتفاله رتبة تهز الأرض هزا وتسحب أذيال الدنيا عزا. ويحف أن يخدمها العز ويكون لهاذ هذا الهز فإن مسفاة مملكة أبيها نحو الأربعة أشهر وصاحب القسطنطينية يؤدى إليه الجزية وهو من العدل في رعيته على سيرة عيجيبة ومن موالاة الجهاد على سنة مرضية.
وأعلمنا أحد الحجاج من أهل بلدنا أن في هذا العام الذي هو عام تسعة وسبيعن الخالي عنا استفتح من بلاد الروم نحو الخمسة وشعرين بلدا ولقبه عز الدين واسم أبيه مسعود وهذا الاسم غلب عليه وهو عريق في المملكة عن جد فجد. ومن شرف خاتون هذه واسمها سلجوقة أن صلاح الدين استفتح آمد بلد زوجها نور الدين وهي من أعظم بلادالدنيا فترك البلد لها كرامة لابيها وأعطاها المفاتيح فبقى ملك زوجها بسببها وناهيك من هذا الشأن والملك ملك الحي القيوم يؤتى الملك من يشاء لا إله سواه.
فكان مبيتنا تلك الليلة بإحدى قرى بغداد نزلناها وقد مضى هذء من الليل وبمقربة منها دجيل وهو نهر يتفرع من دجلة يسقى تلك القرى كلها وغدونا من ذلك الموضع ضحى يوم الثلاثاء السادس عشر لصفر المذكور والقرى متصلة في طريقنا فاتصل سيرنا إلى إثر صلاة الظهر ونزولنا وأقمنا باقي يومنا ليلحقنا من تاخر من الحاج ومن تجار الشام والموصل. ثم رحلنا قبيل نصف الليل وتمادى سيرنا إلى أن ارتفع النهار فنلزنا قائلين ومريحين على دجيل وأسرينا الليل كله فنزلنا مع الصباح بمقربة من فرية تعرف بالحربة من اخصب القرى وافسحها ورحلنا من ذلك الموضع وأسرينا الليل كله ونزلنا مع الصباح من يوم الخميس الثامن عشر الصفر على شط دجلة بمقربة من حصن يعرف بالمعشوق ويقال: إنه كان متفرجا لزبيدة ابنة عم الرشيد وزوجه رحمه الله. وعلى قابلة هذا الموضع في الشط الشرقي مدينة سرمن رأى وهي اليوم عبرة من رأى أين معتصمها وواثقها،