بدينار ولا يدرهم إنما يبيعونه بالخرق والعباءات والشمل فأهل مكة يعدون لهم من ذلك مع الأقنعة والملاحف المتان وما أشبه ذلك مما يلبسه الأعراب ويبايعونهم به ويشارونهم. ويذكر أنهم متى أقاموا عن هذه الميرة ببلادهم تجدب ويقع الموتان في مواشيهم وأنعامهم وبوصولهم بها تخصب بلادهم وتقع البركة في أموالهم فمتى قرب الوقت ووقعت منه بعض غفلة في التأهب للخروج اجتمع نساؤهم فأخرجنهم وكل هذا لطف من الله تعالى لحرمة البلد الأمين.
وبلادهم على ما ذكر لنا خصيبة متسعة كثيرة التين والعنب واسعة المحرث وافرة الغلات وقد اعتقدوا اعتقادا صحيحا أن البركة كلها في هذه الميرة التي يجلبونها فهم من ذلك في تجارة رابحة مع الله عز وجل.
والقوم عرب صرحاء فصحاء جفاة اصحاء لم تغذهم الرقة الحضرية ولا هذبتهم السير المدنية ولا سددت مقاصدهم السنن الشرعية فلا تجد لديهم من أعمال العادات المقدسة يتطارحون عليها تطارح البنين على الام المشفقة لائذين بجوارها متعلقين باستارها فحيث ما علقت أيديهم منها تمزق لشدة اجتذابهم لها وانكبابهم عليها وفي أثناء ذلك تصدع ألسنتهم بأدعية تتصدع لها القلوب وتتفجر لها الأعين الجوامد فتصوب١ فترى الناس حولهم بأسطي أيديهم مؤمنين على أدعيتهم متلقنين لها من ألسنتهم
على انهم طول مقامهم لا يتمكن معهم طواف ولا يوجد سبيل إلى استلام الحجر.
وإذا فتح الباب الكريم فهم الداخلون بسلام فتراهم في محاولة دخولهم يتسلسلون كأنهم بعض ببعض مرتبطون يتصل منهم على هذه الصفة الثلاثون والأربعون إلى أزيد من ذلك والسلاسل منهم يتسع بعضهم بعضا وربما