للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسبوع١ وركع عاد لاقامة تراويح أخر وضرب بالفرقعة الخطيبة المقتدمة الذكر ضربة يسمعها المسجد لعلو صوتها كأنها إيذان بالعود إلى الصلاة فإذا فرغوا من تسليمتين عادوا لطواف أسبوع فإذا أكلموه ضربت الفرقعة وعادوا لصلاة تسلميتين ثم عادوا للطواف هكذا إلى أن يفرغوا من عشر تسليمات فيكمل لهم عشرون ركعة ثم يصلون الشفع والوتر وينصرفون.

وسائر الأئمة لا يريدون على العادة شيئا والمتناوبون لهذه التروايح المقامية خمسة أئمة أولهم إمام الفريضة وأوسطهم صاحبنا الفقيه الزاهد الورع أبو جعفر بن علي الفنكي القرطبي وقراءته ترق الجمادات خشوعا. وهذه الفرقعة المذكورة تستعمل في هذا الشهر المبارك وذلك أنه يضرب بها ثلاث ضربات عند الفراغ من أذان المغرب ومثلها عند الفرغ من أدان العشاء الآخرة وهي لا محالة من حملة البدع المحدثة في هذا المسجد المعظم قدسه الله.

والمؤذن الزمزمي يتولى التسحير في الصومعة التي في الركن الشرقي من المسجد بسبب قربها من دار الأمير، فيقوم في وقت السحور فيها داعيا ومذكرا ومحرضا على السحور ومعه أخوان صغيران يجاوبانه ويقاولأنه وقد نصبت في أعلى الصومعة خشبة طويلة في رأسها عود كلاذراع وفي طرفيه بكرتان صغيرتان ترفع عليها قنديلان من الزجاج كبيران لا يزالان يقدان مدة التحسير. فإذا قرب تبيين خيطي الفجر ووقع الإيذان بالقطع مرة بعد مرة حط المؤذن المذكور القنديلين من أعلى الخشبة وبدأ بالأذان وثوب٢ المؤذنون من كل ناحية بالأذان.

وفي ديار مكة كلها سطوح مرتفعة فمن لم يسمع نداء التسحير ممن يبعد مسكنه من المسجد يبصر القنديلين يقدان في أعلى الصومعة فإذا لم يبصرهما علم أن الوقت قد انقطع.


١ الأسبوع هنا: السبعة
٢ ثوب: رجع الأذان.

<<  <   >  >>