الخطيب يتهادى بين رايتيه السوداوين والفرقعة المتقدم ذكرها أمامه وقد صك الحرم صوتها وهو لابس ثياب سواده فجاء إلى المقام الكريم وقام الناس للصلاة فلما قضوها رقى المنبر وقد الصق إلى موضعه المعين له كل جمعة من جدار الكعبة لمكرمة حيث الباب الكريم شارعا فخطب خطبة بليغة والمؤذنون قعود دونه في أدراج المنبر فعند افتتاحه فصول الخطبة بالتكبير يكبرون بتكبيره إلى أن فرغ من خطبته.
وأقبل الناس بعضهم على بعض بالمصافحة والستليم والتغافر والدعاء مسرورين جذلين فرحين بما آتاهم الله من فضله وبادروا إلى البيت الكريم فدخلوا بسلام آمنين مزدخمين عليه فوجا فوجا فكان مشهدا عظيما وجمعا بفضل الله تعالى مرحوما جعله الله ذخيرة للمعاد كما جعل ذلك العيد الشريف في العمر أفضل الأعياد بمنه وكرمه إنه ولي ذلك والقادر عليه. وأخذ الناس عند انتشارهم من مصلاهم وقضاء سنة السلام بعضهم على بعض في زيارة الجبانة بالمعلى تبركا باحتساب الخطا الصالحين من الصدر الأول وسواه رضى الله عن جميعهم وحشرنا في زمزرتهم ونفعنا بمحبتهم فالمرء كما قال صلى الله عليه وسلم مع من أحب.