نورا من الثلاثين ليلة فزعقت العامة زعقات هائلة وتنادت بوقفة الجمعة وقالت الحمد لله الذي لم يخيب سعينا ولا ضيع قدصنا كأنهم قد صح عندهم أن الوقفة إذا لم تكن توافق يوم الجمعة ليست مقبولة ولا الرحمة فيها من الله مرجوة مأمولة تعالى الله عن ذلك علو كبيرا.
ثم إنهم يوم الجمعة المذكور اجتمعوا إلى القاضي فأدوا شهادات بصحة الؤية تبكي الحق وتضحك الباطل فردها وقال: يا قوم حتام هذا التمادي في الشهوة وإلام تستنون في طرق الهفوة وأعلمهم إنه قد استأذن الأمير مكثرا في أن يكون الصعود إلى عرفات صبيحة يوم الجمعة فيقفوا عشية بها ثم يقفوا صبيحة يوم السبت بعده ويبيتوا ليلة الأحد بمزدلفة فإن كانت الوقفة يوم الجمعة فما عليهم في تأخير المبيت بمزدلفة بأس إذ هو جائز عند أئمة المسلمين وإن كانت يوم السبت فبها ونعمت وأما أن يقع القطع بها يوم الجمعة فتغرير بالمسلمين وإفساد لمناسكهم لأن الوقفة يوم التروية عند الأئمة غير جائزة كما أنها عندهم جائزة يوم النحر فشكر جميع من حضر للقاضي هذا المنزع من التحقيق ودعوا له وأظهر من حضر من العامة الرضى بذلك وانصرفوا عن سلام والحمد لله على ذلك.
وهذا الشهر المبارك هو ثالث الأشهر الحرم وعشره الأولى مجتمع الامم وموسم الحج الأعظم شهر العج والثج١ وملتقى وفود الله من كل أوب وفج مصاب الرحمة والبركات ومحل الموقف الأعظم بعرفات جعلنا الله ممن فاز فيه بالحسنات وتعرى به من ملابس الاوزار والسيئات بمنه وكرمه إنه أهل التقوى وأهل المغفرة والأمير العراقي منتظر لكشف هذا الإلباس عن الناس في أمر الهلال لعله قدا تضح له إليقين فيه إن شاء الله.
وفي سائر هذه الأيام كلها إلى هلم جرا تصل رفاق من السرو اليمنيين