للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بذلك معرفا بهذا الضال ومناديا باسم الجمال وبلده إلى أن يقع عليه فيؤديه إليه ولو لم يفعل ذلك لكان آخر عهده بصاحبه إلا إن يلتقطه التقاطا أو يقع عليه اتفاقا فهذا من بعض عجائب شئون هذه المحلة وعجائبها أكثر من أن يحيط بها الوصف ولأهلها من قوة الجدة واليسار ما يعينهم على ما هم بسبيله والملك بيد الله يؤتيه من يشاء.

ولهؤلاء النسوة الخواتين في كل عام إذا لم يحججن بأنفسهن نواضح مسبلة مع الحاج يرسلنها مع ثقات يسقون أبناء السبيل في المواضع المعروف فيها الماء في الطريق كله وبعرفات وبالمسجد الحرام في كل يوم وليلة فلهن في ذلك اجر عظيم وما التوفيق إلا بالله جل جلاله. فتسمع لمنادي على النواضح يرفع صوته بالماء اللسبيل فيهطع إليه المرملون١ من الزاد والماء بقربهم وأباريقهم فيملؤونها ويقول المنادي في اشادته بصوته ابقى الله الملكة خاتون ابنة الملك الذي من أمره كذا ومن شأنه كذا ويحليه بحلاه٢ إعلانا باسمها وإظهارا لفعلها واستجلابا للدعاء لها من الناس والله لايضيع أجر من أحسن عملا وقد تقدم تفسير هذه اللفظة خاتون وانها عندهم بمنزلة السيدة أو ما يليق بهذا اللفظ الملوكي النسائي.

ومن عجيب هذه المحلة أيضا على عظمها وكبرها وكونها وجود دنيا بأسرها أنها إذا حطت رحالها ونزلت منزلها ثم ضرب الأمير طبله للانذار بالرحيل ويسمونه الكوس لم يكن بين استقلال الرواحل بأوقارها ورحالها وركباها إلا كلا ولا فلا يكاد يفرغ الناقر من الضربة الثالثة إلا والركائب قد أخذ ت سبيلها كل ذلك من قوة الاستعداد وشدة الاستظهار على الاسفار والحول والقوة لله وحده لا إله سواه.


١ يهطع: يسرع. المرملون: الذين نفد زادهم.
٢ يحليه: يصفه. وحلاه: صفاته.

<<  <   >  >>