الحجاج لأنه كان على عدة من وصوله إلى أن وصل ووصل الأمير وقد اعد لرئيس العلماء المذكور وهو يعرف بهذا الاسم توراثه عن أب فأب كرسي بازاء الروضة المقدسة فصعده وحضر قراؤه أمامه فابتدروا القراءة بنغمات عجيبة وتلاحين مطربة مشجية وهو يلحظ الروضة المقدسة فيعلن بالبكاء
ثم أخذ في خطبة من إنشائه سحرية البيان ثم سلك في أساليب من الوعظ باللسانين وأنشد أبياتا بديعة من قوله منها هذا البيت وكان يردده في كل فصل من ذكره صلى الله عليه وسلم ويشير إلى الروضة:
هاتيك روضته تفوح نسيما
...
صلوا عليه وسلموا تسليما
واعتذر من التقصير لهول ذلك المقام وقال: عجبا للألكن الأعجم كيف ينطق عند أفصح العرب! وتمادى في وعظه إلى أن أطار النفوس خشية ورقة وتهافتت عليه الأعاجم معلنين بالتوبة وقد طاشت ألبابهم وذهلت عقولهم فيلقون نواصيهم بين يديه فيستدعى جلمين ويجزها ناصية ناصية ويكسو عمامته المجزوز الناصية فيوضع عليه للحين عمامة أخرى من أحد قرائه أو جلسائه ممن قد عرف منزعه الكريم في ذلك فبادر بعمامته لاستجلاب العرض النفيس لمكارمه الشهيرة عندهم فلا يزال يخلع واحدة بعد أخرى إلى أن خلع منها عدة وجز نواصي كثيرة ثم ختم مجلسه بأن قال: معشر الحاضرين قد تكلمت لكم ليلة بحرم الله عز وجل وهذه الليلة بحرم رسوله صلى الله عليه وسلم ولا بد للواعظ من كدية وأنا أسالكم حاجة أن ضمنتموها لي أرقت لكم ماء وجهي في ذكرها فأعلن الناس كلهم بالإسعاف، وشهيقهم قد علا فقال: حاجتي أن تكشفوا رؤوسكم وتبسطوا أيديكم ضارعين لهذا النبي الكريم في أن يرضى عني ويسترضي الله عز وجل لي. ثم أخذ في تعداد ذنوبه والاعتراف بها فأطار الناس عمائهم وبسطوا أيديهم للنبي صلى الله عليه وسلم داعين له باكين متضرعين فما رأيت ليلة