وبتنا ليلة الإثنين الرابع والعشرين لمحرم المذكور على مصنع مملوء ماء فسقى الناس بالليل واستقوا وهذا الموضع هو دون العقبة المعروفة بعقبة الشيطان. ومع الصباح من يوم الإثنين المذكور صعدنا العقبة وليست بالطويلة الكؤود ولكن ليس بالطريق وعر غيرها فهي شهيرة بهذا السبب ونزلنا عند ارتفاع النهار على مصنع دون ماء وأجزنا مصانع كثيرة وما منها مصنع إلا والى جانبه قصر مبنى من قصور الاعراب والطريق كلها مصانع ورضى الله عن التي اعتنت بسيبل وفد الله هذا الاعتناء.
ثم نزلنا ضحوة يوم الثلاثاء بعده بواقصة وهي وهدة من الأرض منفسحة فيها مصانع للماء مملوؤءة وقصر كبير وبإزائه اثر بناء وهي معمورة بالاعراب وهي آخر مناهل الطريق وليس بعدها إلى الكوفة منهل مشهور إلا مشارع ماء الفرات ومنها إلى الكوفة ثلاثة أيام وبها يتلقى الحاج كثير من أهل الكوفة وهم مستجلبون إليهم الدقيق والخبز والتمر والادم والفواكه الحاضرة في ذلك الوقت ويهنيء الناس بعضهم بعضا بالسلامة والحمد لله عز وجل على ما من به من التيسير والتسهيل حمدا يستوجب المزيد ويستصحب من كريم صنعه المعهود.
وبتنا ليلة الأربعاء السادس والعشرين بموضع يعرف بلوزة وفيها مصنع كبير وجده الناس مملوءا فجددوا الاستسقاء ورفهوا الإبل ثم أسرينا منها وأجزنا سحر يوم الأربعاء المذكور بموضع فيه آثار بناء يعرف بالقرعاء وفيه أيضا مصنع ماء وله ستة مخازن وهي صهاريح صغار تؤدى الماء إلى المصانع استقى الناس فيها وسقوا. وكثرت المصانع حتى لا تكاد الكتب تحصرها ولا تضبطها والحمد لله على منته وسابغ نعمته.
وبتنا ليلة الخميس بعده على مصنع عظيم مملوء ماء ثم نزلنا ضحوة اليوم المذكور بمنارة تعرف بمنارة القرون وهي منارة في بيداء من الأرض لا بناء حولها قد قامت في الأرض كأنها عمود مخروط من الاجر قد تداخل فيها من