وفي سحر يوم الأربعاء المذكور رحلنا من القرية المذكورة واجتزنا على مداين كسرى حسبما ذكرناه وانتهينا إلى صرصر وهي أخت زريران المذكورة حسنا أو قريب منها ويمر بجانبها القبلى نهر كبير متفرع من الفرات عليه جسر معقود على مراكب تحفة بها من الشط إلى الشط سلاسل حديد عظام على الصفة التي ذكرناها في جسر الحلة فعبرناه وأجزنا القرية ونزلنا قائلين وبيننا وبين بغداد نحو ثلاثة فراسخ.
وبهذه القرية سوق حفيلة ومسجد جامع كبير جديد وهي من القرى التي تملأ النفوس بهجة وحسنا.
وهذان النهران الشريفان دجلة والفرات قدا غنت شهرتهما عن وصفهما وملتقاهما ما بين واسط والبصرة ومها انصبابهما إلى البحر ومجراهما من الشمال إلى الجنوب وحسبهما ما خصهما الله به من البركة هما وأخاهما النيل مما هو مذكور مشهور. ورحلنا من ذلك الموضع قبيل الظهر من يوم الأربعاء المذكور وجئنا بغداد قبيل العصر والمدخل إليها على بساتين وبسائط يقصر الوصف عنها.