في وسط الصحراء فعدم رونق الحضارة وتعرت اعطافه من ملابس النضارة.
أستغفر الله كفى بهذا البلد شرفا وفضلا أنها البلدة العتيقة المنسوبة لابينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم وله بقبليها نحو ثلاثة فراسخ مشهد مبارك فيه عين جارية كأن مأوى له ولسارة صلوات الله عليهما ومتبعدا لهما ببركة هذه النسبة قد جعل الله هذه البلدة مقرا للصالحين المتزهدين ومثابة للسائحين المتبتلين. لقينا من أفرادهم الشيخ أبا البركات حيان ابن عبد العزيز حذاء مسجده المنسوب إليه وهو يسكن منه في زاوية بناها في قبلته وتتصل بها في آخر الجانب زاوية لابنه عمر قد التزمها وأشبه طريقة أبيه فما ظلم وتعرفت منه شنشنة اعرفها من اخزم فوصلنا إلى الشيخ وهو قدن نيف على الثمانين فصافحنا ودعا لنا وأمرنا بلقاء ابنه عمر المذكور فملنا إليه ولقيناه ودعا لنا ثم ودعناهما وانصرفنا مسرورين بلقاء رجلين من رجال الآخرة.
ولقينا أيضا بمسجد عتيق الشيخ الزاهد سلمة فلقينا رجلا من الزهاد الافراد فدعا لنا وسالنا وودعناه وانصرفنا وبالبلد سلمة آخر يعرف بالمكشوف الراس لا يغطى رأسه تواضعا لله عز وجل حتى عرف بذلك ووصلنا إلى منزله فأعلمنا إنه خرج للبرية سائحا.
وبهذه البلدة كثيرمن أهل الخير وأهلها هينون معتدلون محبون للغرباء مؤثرون للفقراء. وأهل هذه البلاد من الموصل لديار بكر وديار ربيعة إلى الشام على هذه السبيل من حب الغرباء وإركام الفقراء وأهل قراها كذلك فما يحتاج الفقراء الصعاليك معهم زادا لهم في ذلك مقاصد في الكرم مأثورة وشان أهل هذه الجهات في هذا السبيل عجيب والله ينفعهم بما هم عليه وأما عبادهم وزهادهم والسائحون في الجبال منهم فأكثر من أن يقيدهم الإحصاء والله ينفع المسلمين ببركاتهم وصوالح دعواتهم بمنه وكرمه.
ولهذه البلدة المذكورة أسواق حفيلة الانتظام عجيبة الترتيب مسقفة