للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بزينة الغوان ودانت بالغدر فيمن خان وتجلت عروسا بعد سيف دولتها ابن حمدان هيهات هيهات سيهرم شبابها ويعدم خطابها ويسرع فيها بعد حين خرابها وتتطرق جنبات الحوادث إليها حتى يرث الله الأرض ومن عليها لا إله سواه سبحانه جلت قدرته.

وقد خرج بنا الكلام عن مقصده فلنعد إلى ما كنا بصدده فنقول أن من شرف هذه القلعة إنه يذكر أنها كانت قديما في الزمان الأول ربوة يأوى إليها إبراهيم الخيل عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم بغنيمات له فيحلبها هناك ويتصدق بلبنها فلذلك سميت حلب والله أعلم وبها مشهدكريم له يقصده الناس ويتبركون بالصلاة فيه.

ومن كمال خلالها المشترطة في حصانة القلاع أن الماء بها نابع وقد صنع عليه جبان فيهما بنعان ماء فلا تخاف الظماء ابد الدهر والطعام يصبر فيها الدهر كله وليس في شروط الحصانة أهم ولا اكد من هاتين الخلتين ويطيفه بهذين الجبين المذكورين سوران حصينان من الجانب الذي ينظر للبلد ويعترض دونهما خندق لا يكاد البصر يبلغ مدى عمقه والماء ينبع فيه. وشأن هذه القلعة في الصحانة والحسن أعظم من أن ننتهي إلى وصفه وسورها الأعلى كله ابراج منتظمة فيها العلالي المنيفة والقصاب١ المشرفة قد تفتحت كلها طيقانا وكل برج منها مسكون وداخلها المساكن السلطانية والمنازل الرفيعة الملوكية.

وأما البلد فموضوعه ضخم جدا حفيل التركيب بديع الحسن واسع الأسواق كبيرها متصلة الانتظام مستطيلة تخرج من سماط٢ صنعة إلى سماط صنعة أخرى إلى أن تفرغ من جميع الصناعات المدنية وكلها مسقف بالخشب،


١ لم نجد معنى القصاب يوافق الكلام ولكن قوله فيما بعد: "تفتحت طيقانا" يدل على أنه أراد بها غرفا.
٢ السماط: الصف. وشيء يبسط ليوضع عليه الطعام. وجانب الطريق.

<<  <   >  >>