للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واسع وللمالكية زاوية للتدريس في الجانب الغربي يجتمع فيها طلبة المغاربة ولهم إجراء معلوم.

ومرافق هذا الجامع المكرم للغرباء وأهل الطلب كثيرة واسعة وأغرب ما يحدث به أن سارية من سواريه هي بين المقصورتين القديمة والحديثة لها وقف معلوم يأخذه المستند إليها للمذاكرة والتدريس أبصرنا بها فقيها من أهل إشبيلية يعرف بالمرادي. وعند فراغ المجتمع السبعي من القراءة صباحا يستند كل إنسان منهم إلى سارية ويجلس امامه صبي يلقنه القرآن وللصبيان أيضا على قراءتهم جراية معلومة فأهل الجدة من آبائهم ينزهون ابناءهم عن أخذها وسائرهم يأخذونها وهذا من المفاخر الإسلامية.

وللأيتام من الصبيان محضرة كبيرة بالبلد لها وقف كبير يأخذ منه المعلم لهم ما يقوم به وبسكوتهم وهذا أيضا من أغرب ما يحدث به من مفاخر هذه البلاد.

وتعليم الصبيان للقرآن بهذه البلاد المشرقية كلها إنما هو تلقين يعلمون الخط في الأشعار وغيرها تنزيها لكتاب الله عز وجل عن ابتذال الصبيان له بالاثبات والمحو وقد يكون في أكثر البلاد الملقن على حدة والمكتب على حدة فينفصل من التلقين إلى التكتيب لهم في ذلك سيرة حسنة ولذلك ما يتأتى لهم حسن الخط لأن المعلم له لا يشتغل بغيره فهو يستفرغ جهده في التعليم والصبي في التعلم كذلك ويسهل عليه لأنه بتصوير يحذو حذوه.

ويستدير بهذا الجامع المكرم أربع سقايات في كل جانب سقاية كل واحدة منها كالدار الكبيرة محدقة بالبيوت الخلائية والماء يجرى في كل بيت منها وبطول صحتها حوض من الحجر مستطيل تصب فيه عدة انابيب منتظمة بطوله. وإحدى هذه السقايات في دهليز باب جيرون وهي اكبرها وفيها من البيوت نيف على الثلاثين وفيها زائدا على السقاية المستطيلة مع جدارها حوضان كبيران مستديران يكادان يمسكان لسعتهما عرض الدار المحتوية على

<<  <   >  >>