للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخره أو شرفه أو معينه أو محييه أو زكيه أو نجيبه إلى مالا غاية له من هذه الألفاظ الموضوعة وتتبعها ولا سيما في الفقهاء بما شئت أيضا من سيد العلماء وجمال الأئمة وحجة الإسلام وفخر الشريعة وشرف الملة ومفتى الفريقين إلى ما لا نهاية له من هذه الألفاظ المحالية. فيصعد كل واحد منهم إلى الشريعة ساحبا أذياله من الكبر ثانيا عطفه وقذاله١ فإذا استكملوا وفرغوا من القراءة وانتهى المجلس بهم منتهاه قام وعاظهم واحدا واحدا بسحب رتبهم في المعرفة فوعظ وذكر ونبه على خدع الدنيا وحذر واشند في المعنى ما حضر من الأشعار ثم ختم بتعزية صاحب المصاب والدعاء له وللمتوفى ثم قعد وتلاه آخر على مثل طريقته إلى أن يفرغوا ويتفرقوا فربما كان مجلسا نفاعا لمن يحضره من الذكرى.

ومخاطبة أهل هذه الجهات قاطبة بعضهم لبعض بالتمويل والتسويد٢ وبامتثال الخدمة وتعظيم الحضرة وإذا لقى أحد منهم آخر مسلما يقول جاء المملوك أو الخادم برسم الخدمة كناية عن السلام فيتعاطون المحال تعاطيا والحد عندهم عنقاء مغرب٣ وصفة سلامهم إيماء للركوع أو السجود فترى الأعناق تتلاعب بين رفع وخفض وبسط وقبض وربما طالت بهم الحالة في ذلك فواحد ينحط وآخر يقوم وعمائمهم تهوى بينهم هويا. وهذه الحالة من الانعكاف الركوعي في السلام كنا عهدناه لقينات النساء وعند استعراض رقيق الإماء فيا عجبا لهؤلاء الرجال كيف تحلوا بسمات ربا الحجال قد ابتذلوا انفسهم فيما تأنف النفوس الأبية منه استعملوا تكفير الذمي المنهي في الشرع عنه لهم في هذا الشأن طرائق عجيبة في الباطل فيا للعجب منهم إذا تعاملوا بهذه المعاملة وانتهوا إلى هذه الغاية في الألفاظ بينهم


١ القذال: ما بين الأذنين من مؤخر الرأس.
٢ بالتمويل والتسويد أي بقول يا مولاي ويا سيدي.
٣ العنقاء: طائر خرافي، أي أن الجد عندهم غير موجود.

<<  <   >  >>