للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي يوم الأربعاء الثالث والعشرين منه تحركت الريح الشرقية نسيما فاترا عليلا فاستبشرت النفوس بها رجاء في نمائها وقوتها فكانت نفسا خافتا ثم بعد ذلك غشى البحر ضببا رقيق سكنت له أمواجه فعاد كأنه صرح ممرد من قوارير١ ولم يبق للجهات الأربع نفس يتنسم فبقينا لاعبين على صحفة ماء تخاله العين سبيكة لجين كأنا نجول بين مساءين وهذا الهواء الذي يسميه البحريون الغليني٢.

وفي ليلة الخميس الرابع والعشرين لرجب المذكور وهو أول يوم من نونبر٣ العجمي كان للنصارى عيد مذكور عندهم احتلفوا له في إسراج الشمع وكاد لا يخلو أحد منهم صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى من شمعة في يده وتقدم فسيسوهم للصلاة في المركب بهم ثم قاموا واحدا واحدا لوعظمهم وتذكيرهم بشرائع دينهم والمركب يزهر كله أعلاه وأسفله سرجا متقدة، وتمادينا على تلك الحالة أكثر تلك الليلة ثم أصبحنا بمثل ذلك الهواء الساكن واتصل بنا ذلك إلى ليلة الأحد السابع والعشرين منه فتحركت ريح شمالية فعاد المركب بها لجريته واستبشرت النفوس والحمد لله.


١ سورة النمل، الآية ٤٤. والممرد: المصقول.
٢ الغليني: الهواء الساكن. معربة.
٣ نونبر: تشرين الثاني.

<<  <   >  >>