ووصل هذه الأيام إلى هذه البلدة زعيم أهل هذه الجزيرة من المسلمين وسيدهم القائد أبو القاسم بن حمود المعرف بابن الحجر وهذا الرجل من أهل بيت بهذه الجزيرة توارثوا السيادة كابرا عن كابر وقرر لدينا مع ذلك أنه من أهل العمل الصالح مريد للخير محب في أهله كثير الصنائع الأخروية من افتكاك الأسارى وبث الصدقات في الغرباء والمنقطعين من الحجاج إلى مآثر جمة ومناقب كريمة فارتجت هذه المدينة لوصوله، وكان في هذه المدة تحت هجران من هذا الطاغية الزمه داره بمطالبة توجهت عليه من أعدائه افتروا عليه فيها أحاديث مزورة نسبوه فيها إلى مخاطبة الموحدين أيدهم الله فكادت تقضى عليه لولا حارس المدة وتوالت عليه مصادرات أغرمته ليفا على الثلاثين ألف دينار مؤمنية ولم يزل يتخلى عن جميع دياره وأملاكه الموروثة عن سلفه حتى بقى دون مال فاتفق في هذه الأيام رضى الطاغية عنه وأمره بالنفوذ لمهم من اشغاله السلطانية فنفذ لها نفوذ الملوك المغلوب على نفسه وماله وصدرت عند وصوله إلى هذه البلدة رغبة في الاجتماع بنا فاجتمعنا به فأظهر لنا من باطن حاله وبواطن أحوال هذه الجزيرة مع أعدائهم ما يبكي العيون دما ويذيب القلوب الما فمن ذلك أنه قال: كنت أود لو أباع أنا وأهل بيتي فلعل البيع كان يتخلصنا مما نحن فيه ويؤدي بنا إلى الحصول في بلادالمسلمين فتأمل حالا يؤدي بهذا الرجل مع جلالة قدره وعظم منصه إلى أن يتمنى مثل هذا التمني مع كونه مثقلا عيالا وبنين وبنات فسألنا له الله عز وجل حسن التخليص مما هو فيه ولسائر المسلمين من أهل هذ الجزيرة وواجب على كل مسلم الدعاء لهم في كل موقف يقفه بين يدي الله عز وجل، وفارقناه باكيا مبكيا واستمال نفوسنا بشرف منزعه وخصوصية شمائله ورزانة حصاته١ وشمول مبرته وتكرمته وحسن خلقه وخليقته وكنا قد أبصرنا له ولأخوته لأهل بيته بالمدينة يدارا كأنها القصور