للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجود واحد كابن عربي صاحب الفصوص ونحوه وقالوا:

وكل كلام في الوجود كلامه سواء علينا نثره ونظامه ومذهبهم منتهى مذهب الجهمية، وهو في الحقيقة تعطيل الخالق والقول بأن هذا الوجود هو الوجود الواجب كما ذكر ذلك أبو حامد عن دهرية الفلاسفة فإن قول هؤلاء هو قول أولئك وهو قول فرعون الذي أظهره، لكن فرعون وغيره من الدهرية لا يقولون: هذا الوجود هو الله، وهؤلاء بجهلهم يقولون: إن الوجود هو الله، وقد أضلوا طوائف من الشيوخ الذين لهم عبادة وزهادة حتى أنه كان في بيت المقدس رجل من أعبد الناس وأزهدهم وكان طوال ليله يقول: الوجود واحد وهو الله ولا أرى الواحد ولا أرى الله، وهؤلاء سلكوا في كثير من أصولهم ما ذكره أبو حامد الغزالي وبنوا على ما في كتابه المضنون به وغيره من أصول الفلاسفة المكسوة عبادة الصوفية فالأمور التي أنكرها عليه علماء المسلمين ما عليها هؤلاء حتى جعل ابن سبعين الناس خمس طبقات أدناها الفقيه ثم المتكلم ثم الأشعري ثم الفيلسوف ثم الصوفي ثم الخامس هو المحقق، وهؤلاء يجعلون ما أشار إليه أبو حامد من الكشف هو ما حصل لهم وإنه لتعبده بالشريعة، لم يصل إلى القول بوحدة الوجود، وهم ينتقصونه بما يحمده عليه المسلمون من الأقوال التي اعتصم فيها بالكتاب والسنة وبالأقوال التي يعلم صحتها بصريح العقل، ويرون أن ذلك هو الذي حجبه عن أن يشهد حقيقتهم التي هي وحدة الوجود، وإنما طمعوا فيه هذا الطمع لما وجدوه في الكلام المضاف إليه ممّا يوافق أصول الجهمية المتفلسفة ونحوهم.

والمقصود هنا: أن المعتزلة خير من المتفلسفة حيث يثبتون لله كلاما منفصلا ويقولون: إن الرسالة والنبوة تتضمن نزول كلام لله تعالى منفصلا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ينزل عليه كما يقول سائر المسلمين، ثم قد يقول من يقول من المعتزلة: أن النبوة جزاء على عمل متقدم وأن النبيّ لما قام بواجبات عقلية أكرمه الله تعالى عليها بالنبوة مع كون النبيّ متميزا بصفات خصه الله تعالى بها وهذا القول موافق في الجملة قول أكثر الناس وهو أن النبوة والرسالة تتضمن كلام الله سبحانه الذي ينزل على رسوله ونبيه وأنه مع ذلك مختص بصفات اختصه الله تعالى بها دون غيره من الأنبياء وأنه لا يكون النبيّ والرسول كسائر الناس في العقل والخلق وغير ذلك، بل هو متميز عن الناس بذلك، والنبوة فضل الله يؤتيه من يشاء لكن مع ذلك الله أعلم حيث يجعل رسالته.

وما ذكره أبو حامد فيه من تقرير النبوة في الجملة على الأصول التي يسلمها

<<  <   >  >>