للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتؤمن بالقدر خيره وشره» والحديث قد أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأخرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب «١» وهو من أصح الأحاديث.

فتلك الثلاثة تتضمن هذه الخمسة، والله تعالى أنزل سورة البقرة وهي سنام القرآن وجمع فيها معالم الدين وأصوله وفروعه إلى أمثال ذلك فإن النظر فيها وجه من وجوه الإيجاب.

ولما ذكر في أولها أصناف الخلق وهم ثلاثة مؤمن وكافر ومنافق أخذ بعد ذلك يقرر أصول الدين فقرر هذه الأصول الثلاثة الإيمان بالله ثم الرسالة ثم اليوم الآخر، فإنه أنزل أربع آيات في المؤمنين وآيتين في صفة الكافرين وبضعة عشرة آية في صفة المنافقين، ثم قال تعالى تقريرا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ «٢» إلى قوله تعالى: بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ «٣» فإنه ذكر التحدي هكذا في غير موضع من القرآن.

[الفصل الثاني]

إن مسائل ما بعد الموت ونحو ذلك، الأشعري وأتباعه ومن وافقهم من أهل المذاهب الأربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية يسمونها السمعيات بخلاف باب الصفات والقدر وذلك بناء على أصلين.

أحدهما: أن هذه لا تعلم إلا بالسمع. والثاني: أن ما قبلها يعلم بالعقل وكثير منهم أو أكثرهم يضم إلى ذلك أصلا آخر وهو أن السمع لا يعلم صحته إلا بتلك الأصول التي يسمونها بالعقليات مثل إثبات حدوث العالم ونحو ذلك.

وأما محققوهم فيقولون أن العلم بحدوث العالم ليس من الأصول التي تتوقف صحة السمع عليها بل يمكن العلم بصحة السمع ثم يعلم بالسمع خلق السموات والأرض ونحو ذلك. وأما الأصلان الأولان فنازعهم فيها طوائف مثل


(١) حديث جبريل عليه السلام الطويل أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٥٠، ٤٧٧٧) ومسلم في صحيحه برقم (٩) وابن ماجه في صحيحه برقم (٦٤ و٤٠٤٤) والنسائي في سننه (٨/ ١٠١) وأحمد في المسند (٢/ ٤٢٦) وابن حبان في صحيحه برقم (١٥٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وأخرجه مسلم في صحيحه برقم (٨) وأبو داود في سننه برقم (٤٦٩٥) والترمذي في سننه برقم (٢٦١٠) والنسائي في سننه برقم (٥٠٠٥) وابن ماجه في سننه برقم (٦٣) وأحمد في المسند بالأرقام (١٨٤، ١٩١، ٣٦٧، ٣٦٨) والطيالسي في مسنده (ص ٢٤) وابن حبان في صحيحه برقم (١٦٨، ١٧٣) من حديث عمر رضي الله عنه.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢١.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢١.

<<  <   >  >>