للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علوم باطنة كما يقولون: إن الصلاة معرفة أسرارنا والصيام كتمان أسرارنا والحج زيارة شيوخنا المقدسين ونحو ذلك ممّا هو مذكور في الكتب المؤلفة في كشف أسرارهم وهتك أستارهم، ولهؤلاء القرامطة صنفت رسائل إخوان الصفا وهم الذين يقال لهم: الإسماعيلية لانتسابهم إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر.

قال ابن سينا: كان أبي وأخي من أهل دعوتهم ولهذا اشتغلت بالفلسفة. وأما الفلاسفة الذين لم يدخلوا في القرمطة المحضة فهم لا ينكرون العبادات والشرائع العملية بل قد يوجبون اتباعها والعمل بها لا سيما من دخل منهم في التصوف أو الكلام لكن منهم من يوجب اتباعها على العامة دون الخاصة أو يوجبها من غير الوجه الذي أوجبها الرسول كما يجوزون أن يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم من يأتي بشريعة أخرى ويقولون إن أحدهم يخاطبه الله سبحانه وتعالى كما خاطب موسى بن عمران، ويعرج به كما عرج بالنبيّ صلى الله عليه وسلم وأمثال هذه المقالات التي كثرت لما ظهرت الفلسفة التي أفسدت طوائف من أهل التصوف والكلام.

[الفصل الرابع]

إنه إذا ثبتت الرسالة ثبت ما أخبر به الرسول ممّا ينكره بعض أهل البدع كعذاب القبر وسؤال منكر ونكير وكالصراط والشفاعة والحوض ونحو ذلك ممّا استفاضت به الأحاديث الصحيحة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وقد يستدل عليه بدلائل من القرآن أيضا لكن ليس التصريح به في القرآن والتصريح بالجنة والنار وقيام القيامة وحشر الخلق، ولهذا لم ينكر القيامة ومعاد الأبدان أحد من أهل القبلة، وأنكر هذه الأمور التي جاءت بها الأحاديث المستفيضة بل المتواترة عند علماء أهل الحديث طوائف من أهل البدع إما من المعتزلة وإما من الخوارج وإما من غيره.

[الفصل الخامس]

إن هذا المصنف وأمثاله إنما يذكرون الإيمان بالسمعيات على طريق الإجمال وأما العلم بتفصيل ذلك فإنما يعرفه من عرف الأحاديث الصحيحة في هذا الباب وما جاء في ذلك من آيات القرآن الكريم وتفسيرها الثابت عن الصحابة والتابعين ونحوهم.

الفصل السادس

إنه إذا علم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله وأن الله تعالى مصدقه في قوله: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ «١» فالرسول هو المخبر عن المرسل بما أمره أن يخبر به علم


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥٨.

<<  <   >  >>