للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صالحة للإسلام وأهله، وخزانة عظيمة لمن يؤلف منها وينقل، وينصر الطريقة السلفية على قواعده ويستخرج ويختصر إلى آخر الدهر إن شاء الله تعالى ... » اه «١».

وصدق- والله- فإنه قلما يكتب أحد في أي مسألة من المسائل، وخاصة في ما يتعلق بالأصول، إلا وينقل عن شيخ الإسلام، ويستفيد مما كتب وألف.

ومن طريف ما يذكر عن سرعة بديهة الشيخ وقوة علميته أنه مرة كان جالسا في حلقته إذ جاءه سؤال على لسان ذمي ينكر صاحبه القدر، وكان السؤال عبارة عن أبيات من الشعر، ومطلعها:

يا علماء الدين ذمي دينكم تحير دلوه بأعظم حجة إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم ولم يرضه مني فما وجه حيلتي فلما قرأ الشيخ الأبيات فكر قليلا، ثم أنشأ يكتب في الحال جوابا لهذا الاعتراض، وكان الطلاب يظنون أنه يكتب نثرا، ولما فرغ وقرأه من حضر من أصحابه وإذا هو نظم من الشعر، من نفس البحر والقافية الذي ورد به السؤال، يزيد على مائة بيت، وقد ذكر أنه أبرز فيها من العلوم ما لو شرح لجاء شرحه في مجلدين كبيرين، يقول في مطلعها:

سؤالك يا هذا سؤال معاند تخاصم رب العرش باري البرية وهذا سؤال خاصم الملأ العلا قديما به إبليس أصل البلية ومن يك خصما للمهيمن يرجعن على أم رأس هاويا في الحفيرة إلى آخر الأبيات «٢».

[سابعا مؤلفاته وآثاره]

كما سبق أن عرفنا فقد كان الشيخ أشبه ما يكون بموسوعة، له في كل فنّ نصيب، كان قلمه سيالا، تميز بسرعة الكتابة- ولولا ذلك والله أعلم- لما خلّف هذا التراث الضخم.


(١) قطعة من مكتوب الشيخ الإمام الزاهد شهاب الدين أحمد بن مري الحنبلي ص ١٦، تقديم وتحقيق محمد الشيباني.
(٢) انظر: الأعلام العلية ص ٢٨، العقود الدرية ص ٣٨٣ - ٣٩٣، الكواكب ص ٧٩ - ٨٠، الدرر الكامنة (١/ ١٩٦).

<<  <   >  >>