للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِبَادَاتِ، وَلَمَّا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى خِلَافِهِ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ الْوُقُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَحْدُودِ؛ إِلَّا أَنْ يُتَبَيَّنَ بِنَصٍّ١ أَوْ إِجْمَاعٍ مَعْنًى مُرَادٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَلَا لَوْمَ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ، لَكِنَّ ذَلِكَ قَلِيلٌ، فَلَيْسَ بِأَصْلٍ؛ وَإِنَّمَا الْأَصْلُ مَا عَمَّ فِي الْبَابِ وَغَلَبَ فِي٢ الْمَوْضِعِ.

وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ فِيهَا٣ مَعْدُودٌ عِنْدَهُمْ فِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ٤، كَالْمَشَقَّةِ فِي قَصْرِ الْمُسَافِرِ وَإِفْطَارِهِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ٥.

وَإِلَى هَذَا؛ فَأَكْثَرُ الْعِلَلِ الْمَفْهُومَةِ الْجِنْسِ فِي أَبْوَابِ الْعِبَادَاتِ غير مفهومة


١ وذلك كما في قوله عليه الصلاة والسلام فيمن وقصته الدابة: "لا تقربوه طيبا، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا" فقد نص على حكمته عدم مسه بالطيب، فإذا حمل عليه كل من مات قبل تمام حجه، وأنه لا يمس بطيب لهذا لمعنى المتبين بالنص؛ فلا مانع منه، وهكذا ما كان من قبيله، وهو كمحترز لقوله: "يتسع"؛ أي: بل هو قليل كهذا. "د".
قلت: الحديث في "صحيح البخاري" "كتاب جزاء الصيد، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة ٤/ ٥٢/ رقم ١٨٣٩"، وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما.
٢ في ط": "وغلب على....."
٣ المناسب: هو ما كانت له علة مفهومة وحكمة مناسبة، تدركها العقول، ويقر بها، وفيها؛ أي: في العبادات. وفي "ط": ما هو فيها".
٤ أي: إن المناسب وهو الوصف الذي اعتبر علة للحكم في العبادات عدوه من أقسام ما لا نظير له، وهو قسم مما عدل به عن سنن القياس، فالمشقة لم يعتد بها في غير الصوم وقصر الصلاة في السفر، ولو كانت المشقة أضعاف ما يحصل في السفر، وأصل القياس مبني على تعدية حكمة العلة لكل فرع وجدت فيه، فكان ذلك خروجا عن سنن القياس، وسمي هذا النوع لا نظير له، يعني: وهذا مما يضعف معنى التعليل في العبادات، ويرجع بها إلى التعبد؛ لأنه حتى عند فرض وجود النظر للمعنى فيها؛ فإنه يكون بحالة قاصرة. "د".
٥ ليكن على بالك ما قدمه في "ص٤٢"؛ ففيه تعليل لبعض الطاعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>