للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ عَطَاءٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الْأَنْفَالِ: ١٦] : إِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الْأَنْفَالِ: ٦٥] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ١، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْصِيصٌ، وَبَيَانٌ لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ} ؛ فَكَأَنَّهُ عَلَى مَعْنَى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ وَكَانُوا مِثْلَيْ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَلَا تَعَارُضَ وَلَا نَسْخَ بِالْإِطْلَاقِ٢ الْأَخِيرِ.

وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النِّسَاءِ: ٢٤] : إِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ [عَلَى] خَالَتِهَا٣، وَهَذَا مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ العموم.


١ حكماء النحاس في "الناسخ والمنسوخ" "ص١٨٤"، وابن العربي في "الناسخ والمنسوخ" "٢/ ٢٢٦-٢٢٨"، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" "ص١٦٥-١٦٦"، وقال: "وقال آخرون: هي محكمة، وهذا هو الصحيح؛ لأنها محكمة في النهي عن الفرار؛ فيحمل النهي على ما إذا كان العدو أعلى من عدد المسلمين، وقد ذهب إلى نحو هذا ابن جرير".
قلت: وذلك في "تفسيره" "٩/ ١٣٥"، وخطأ ابن العربي في "أحكام القرآن" "٢/ ٣٦٦" القول بالنسخ، وقال عنه: "وهذا خطأ من قائله؛ لأن المسلمين كانوا يوم بدر ثلاث مائة ونيفا، والكفار كانوا تسع مائة ونيفا؛ فكان للواحد ثلاثة، وأما هذه المقابلة -وهي الواحد بالعشر- فلم ينقل أن المسلمين صافوا المشركين عليها قط، ولكن البارئ فرض ذلك عليهم أولا، وعلله بأنكم تفقهون ما تقاتلون عليه، وهو الثواب، وهم لا يعلمون ما يقاتلون عليه، ثم نسخ ذلك، قال ابن عباس: كان هذا ثم نسخ بعد مدة طويلة وإن كانت إلى جنبها".
٢ في "ط": "بإطلاق".
وانظر: "فهم القرآن" "٤٥٩-٤٦٠" للمحاسبي، و"الإيضاح" "ص٢٩٦-٢٩٧".
٣ انظر: "الناسخ والمنسوخ" "ص١٢٢" للنحاس، ومضى تخريج حديث الجمع بين المرأة وعمتها في "ص٨٢" وهو في "الصحيحين"، وأفاد ابن العربي في "الناسخ والمنسوخ" "٢/ ١٦٢" ما عند المصنف، وزاد أيضا على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها؛ فقال: "ومن حرم من جهة الرضاع غير الأم والأخت".
وانظر: "نواسخ القرآن" "١٢٤" لابن الجوزي، و"الإيضاح" "ص٢١٨-٢١٩" لمكي بن أبي طالب، وما بين المعقوفتين ليست في "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>