للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي قَوْلِهِ: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشُّورَى: ٥] : نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي فِي غَافِرٍ: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} ١ [غَافِرٍ: ٧] .

وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنَّ آيَةَ غَافِرٍ مُبَيِّنَةٌ لِآيَةِ الشُّورَى؛ إِذْ هُوَ خَبَرٌ مَحْضٌ٢، وَالْأَخْبَارُ لَا نَسْخَ فِيهَا.

وَقَالَ ابْنُ النَّحَّاسِ: "هَذَا لَا يَقَعُ فيه٣ نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَرَادَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى نُسْخَةِ٤ تِلْكَ الْآيَةِ، لَا٥ فَرْقَ بَيْنَهُمَا، يَعْنِي أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِحْدَاهُمَا تُبَيِّنُ الْأُخْرَى".

قَالَ: "وَكَذَا٦ يَجِبُ أَنْ يُتَأَوَّلَ لِلْعُلَمَاءِ، وَلَا يُتَأَوَّلُ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ العظيم، إذا كان لما قالوه وجه".


١ أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" "ص٢٥٣"، وحكاه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" "ص٢١٨" عن ابن منبه والسدي ومقاتل بن سليمان، وقال ابن العربي في "الناسخ والمنسوخ" "٢/ ٣٥١، ٣٥٤-٣٥٥": "ليس هذا نسخًا، إنما هو تخصيص عموم، والتخصيص يدخل في العموم؛ كان جزاء أو تكليفا باتفاق".
قلت: ويلزم من القول بالنسخ أن الملائكة استغفرت أولا للمشركين، وهذا كذب لأن الله جل وعز يقول: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ، ولم يكن الملائكة يشفعون لمن في الأرض ممن قد علموا أن الله لا يغفر له أبدا، قاله المحاسبي في كتابه "فهم القرآن" "٤٧٤-٤٧٥"، وانظر كلامه أيضا: "٣٥٨-٣٥٩"، وكلام مكي بن أبي طالب في "الإيضاح" "ص٣٩٩".
وورد في غير "د": "التي في الطور"، وهو خطأ.
٢ أي: ولا يؤول إلى تكليف حتى يدخله النسخ؛ إذ لو كان بمعنى الأمر لصح دخول النسخ فيه. "د".
٣ هكذا في "الناسخ والمنسوخ" لابن النحاس و"ط"، "وفي الأصل وباقي النسخ: فيها".
٤ وهل قرأها ابن النحاس: "نسختها" اسما مبتدأ خبره الآية التي ... إلخ، أم قرأها فعلا؟ الأول أقرب إلى غرضه، وأيسر في تأويله كلامه. "د".
قلت: الكلمة جاءت في "م": "نسق".
٥ في "ط": "لأنه لا".
٦ في "ط": "وكذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>