للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَيَّنَتِ الْآيَةُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْقَوْلِ الْفِعْلَ تَقْتَضِي كَذِبَ الْقَوْلِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذَا، وَقَدْ قَالُوا فِي عِصْمَةِ١ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ: إِنَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَنْفِرُ عَمَّنْ كَانَتْ هَذِهِ سَبِيلُهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى جَارٍ مِنْ بَابِ أَوْلَى فِيمَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ، بِالنِّسْبَةِ إِلَى فُرُوعِ الْمِلَّةِ فَضْلًا عَنْ أُصُولِهَا؛ فَإِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا آمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ [وَلَا يَفْعَلُونَهُ] وَنَاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَأْتُونَهُ -عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ- لَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى٢ منفِّر وَأَقْرَبَ صادٍّ عَنِ الاتباع؛ فمن كان في رتبة الوارثة لَهُمْ؛ فَمِنْ حَقِيقَةِ نَيْلِهِ الرُّتْبَةَ ظُهُورُ الْفِعْلِ عَلَى مِصْدَاقِ الْقَوْلِ.

وَلَمَّا نَهَى٣ عَنِ الرِّبَا قَالَ: "وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رَبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ" ٤.

وَحِينَ وَضَعَ الدِّمَاءَ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ: "وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُنَا: دم ربيعة بن الحارث" ٥.


١ أي: في دليلها. "د".
٢ في "م": "أوَّل".
٣ في خطبة حجة الوداع المشهورة. "د".
٤ مضى تخريجه "٤/ ٣٨٠".
٥ أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ٢/ ٨٨٦-٨٩٢/ رقم ١٢١٨" ضمن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه الطويل، ولفظه: "وإن أول دم أضع من دمائنا دمُ ابن ربيعة بن الحارث".
وأخرجه أحمد في "المسند" "٥/ ٧٣" عنه بلفظ: "وأول دم يوضع دم ربيعة بن الحارث"، وأبو داود في "السنن" "كتاب المناسك، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم ٢/ ١٨٢-١٨٦/ رقم ١٩٠٥". بلفظ: "ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضعه دماؤنا"؛ -قال عثمان: "قلت: هو ابن أبي شيبة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>