للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصْدًا فِي الْعِبَادَاتِ أَوْ فِي الْعَادَاتِ؟ وَلِذَلِكَ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ١ أَنَّهُ قَالَ: "أَضْعَفُ الْعِلْمِ الرُّؤْيَةُ، يَعْنِي: أَنْ يَقُولَ رَأَيْتُ فُلَانًا يَعْمَلُ كَذَا، وَلَعَلَّهُ فَعَلَهُ سَاهِيًا".

وَعَنْ إِيَاسِ ابن مُعَاوِيَةَ: "لَا تَنْظُرْ إِلَى عَمَلِ الْفَقِيهِ، وَلَكِنْ سَلْهُ يصدقْك"٢.

وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ قَالُوا٣: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} الْآيَةَ [الزُّخْرُفِ: ٢٢] .

وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ الْمُرْتَابِ: "سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ"٤. فَالِاقْتِدَاءُ بِمِثْلِ هَذَا الْمَفْرُوضِ كَالِاقْتِدَاءِ بِسَائِرِ النَّاسِ أَوْ هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ.

وَلِلْمُجِيزِ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ مَعْمُولٌ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ٥، وَإِذَا تَعَيَّنَ بِالْقَرَائِنِ قَصْدُهُ إِلَى الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ -وَلَا سِيَّمَا في العبادات، ومع التكرار أيضًا،


١ هو عطاء، وأورد نحوه عنه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "٢/ ٧٧٨/ رقم ١٤٤٨"، ونصه: "وأضعف العلم: علم النظر، أن يقول الرجل: رأيت فلانًا".
٢ أخرجه وكيع في "أخبار القضاة" "١/ ٣٥٠"، وابن شبة كما في "تهذيب الكمال" "٣/ ٤٣٣".
٣ أي: الذين قلدوا من ليس أهلًا، وفي الحديث لفظ: "الناس"؛ أي: مطلق الناس الذين لا يقلدون، فتقليد من ليس أهلًا المنفي عليه في الآية، والحديث يشبهه تقليد العالم في الفرض المذكور، وليس التقليد بعمومه مذمومًا كما تدل عليه تلك المسائل الأصولية. "د".
٤ قطعة من حديث طويل أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الكسوف، باب الصلاة النساء مع الرجال في الكسوف ٢/ ٥٤٣/ رقم ١٠٥٣"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار ٢/ ٦٢٤/ رقم ٩٠٥"، ومالك في "الموطأ" "١/ ١٨٨-١٨٩" عن أسماء رضي الله عنها".
٥ انظر في هذا: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٣/ ٣١٢-٣١٣ و١٣/ ٣١٠-٣٢٦"، و"المسودة في أصول الفقه" "ص٥١٨"، و"البحر المحيط" للزركشي "١/ ٧٦، ٨٢ و٥/ ٢٧٦ و٦/ ٢٨٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>