للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِلْمِ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَعْرِفُونَ كَذَا.

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَالْأَصْلُ الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ هُوَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ على صحة الدعوى، وهو ماتقرر فِي الْمُقَدِّمَةِ الْحَاكِمَةِ؛ فَلَزِمَ١ أَنْ تَكُونَ مُسَلَّمَةً عِنْدَ الْخَصْمِ مِنْ حَيْثُ جُعِلَتْ حَاكِمَةً فِي المسألة؛ لأنها إن لم مُسَلَّمَةً لَمْ يُفِدِ الْإِتْيَانُ بِهَا، وَلَيْسَ فَائِدَةُ التحام إِلَى الدَّلِيلِ إِلَّا قَطْعَ النِّزَاعِ وَرَفْعَ الشَّغَبِ٢، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَقَوْلُ الْقَائِلِ: "هَذَا مُسْكِرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ" إِنْ فُرِضَ تَسْلِيمُ الْخَصْمِ فِيهِ لِلْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ؛ صَحَّ الِاسْتِدْلَالُ مِنْ حَيْثُ أَتَى بِدَلِيلٍ مُسَلَّمٍ، وَإِنْ فُرِضَ نِزَاعُ الْخَصْمِ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا أَلْبَتَّةَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدِّمَةَ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ فِي قِيَاسٍ آخَرَ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَقَعُ النِّزَاعُ إِلَّا فِيهَا؛ فَيُبَيِّنُ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ بِدَلِيلِ اسْتِقْرَاءٍ أَوْ نَصٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِذَا بَيَّنَ٣ ذَلِكَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ مثلُا إِنْ كَانَ مُسَلَّمًا أَيْضًا عِنْدَ الْخَصْمِ، كَمَا جَاءَ فِي النَّصِّ: "إِنَّ كُلَّ خَمْرٍ حَرَامٌ" ٤، وَإِنْ نَازَعَ فِي أَنَّ كُلَّ خَمْرٍ حَرَامٌ؛ صَارَتْ مُقَدِّمَةَ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ، وَلَا بُدَّ إِذْ ذَاكَ مِنْ مُقَدِّمَةٍ أُخْرَى تَحْكُمُ عَلَيْهَا، وَفِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ لَا بُدَّ مِنْ مُخَالَفَةِ الدَّعْوَى لِلدَّعْوَى الْأُخْرَى الَّتِي فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُخْرَى؛ فَإِنَّ سُؤَالَ السَّائِلِ: هَلْ كُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ؟ مُخَالِفٌ لِسُؤَالِهِ إِذَا سَأَلَ: هَلْ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ؟

وَهَكَذَا سَائِرُ مَرَاتِبِ الْكَلَامِ فِي هَذَا النَّمَطِ؛ فَمِنْ هُنَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْتَى


= وليس فيه ذكر للبسملة، ووردت في حديث المِسْوَر بن مخرمة، أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، ٥/ ٣٢٩-٣٣٠/ رقم ٢٧٣١، ٢٧٣٢"، وهو ضمن حديث طويل.
٣ النَّصَفة؛ بالتحريك: اسم الإنصاف، وتفسيره أن تعطيهمن نفسك النَّصف، أي تعطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك، قاله في "لسان العرب". "ماء".
١ في "ط": "فيلزم".
٢ أي: تهييج الشر. "ماء".
٣ في "ط": "تبين".
٤ مضى تخريجه "٤/ ٣٦٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>