سبحان من إذا لطف بعبده في المحن قلبها منحا، وإذا خذل عبدا لم ينفعه كثرة اجتهاده، وعاد عليه وبالا. لقّن آدم حجّته وألقي إليه ما يتقبّل به توبته، {فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ}[البقرة: ٣٧].
وطرد إبليس بعد طول خدمته فصار عمله هباء منثورا، {قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٣٤) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ} [الحجر: ٣٤ - ٣٥]. إذا وضع عدله على عبد لم تبق له حسنة، وإذا بسط فضله على عبد لم تبق له سيئة.
يعطي ويمنع من يشاء كما يشا … وهباته ليست تقارنها الرّشا
لمّا ظهر فضل آدم على الخلائق بالعلم، وكان العلم لا يكمل بدون العمل بمقتضاه، والجنّة ليست دار عمل ومجاهدة، وإنّما هي دار نعيم ومشاهدة، قيل له: يا آدم، اهبط إلى رباط الجهاد، وصابر جنود الهوى بالجدّ والاجتهاد، وأذر دموع الأسف على البعاد، وكأنّك بالعيش الماضي وقد عاد على أكمل من ذلك الوجه المعتاد.