للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللهم أدخله الجنّة» (١). وفي الحديث أيضا: «إنّ الجنة تفتح في كلّ سحر، ويقال لها: ازدادي طيبا لأهلك، فتزداد طيبا، فذلك البرد الذي يجده النّاس في السّحر» (٢).

قلوب العارفين تستنشق أحيانا نسيم الجنة. قال أنس بن النّضر يوم أحد:

واها لريح الجنّة، والله إني لأجد ريح الجنّة من قبل أحد، ثم تقدّم فقاتل حتّى قتل.

تمرّ الصّبا صفحا بساكن ذي الغضا … ويصدع قلبي أن يهبّ هبوبها

قريبة عهد بالحبيب وإنّما … هوى كلّ نفس أين حلّ حبيبها

كم لله من لطف وحكمة في إهباط آدم إلى الأرض، لولا نزوله لما ظهر جهاد المجاهدين واجتهاد العابدين المجتهدين، ولا صعدت زفرات أنفاس التائبين، ولا نزلت قطرات دموع المذنبين.

يا آدم، إن كنت أهبطت من دار القرب فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني، إن كان حصل لك بالإخراج من الجنّة كسر، فأنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي، إن كان فاتك في السماء سماع زجل المسبّحين، فقد تعوّضت في الأرض بسماع أنين المذنبين. أنين المذنبين أحبّ إلينا من زجل المسبّحين.

زجل المسبّحين ربما يشوبه الافتخار، وأنين المذنبين يزينه الانكسار. «لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم» (٣).


(١) أخرجه: أحمد (٣/ ٢٠٨) والترمذي (٢٥٧٥)، والنسائي (٨/ ٢٧٩)، وابن ماجه (٤٣٤٠). وصححه الألباني في «تخريج المشكاة» (٢٤٧٨).
(٢) أخرجه: الطبراني في «المعجم الصغير» (١/ ٣٢) من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا، بإسناد ضعيف.
وروي موقوفا على شمر بن عطية، أخرجه الطبري في «التفسير» (١٦/ ٣٨).
(٣) أخرجه: مسلم (٨/ ٩٤) (٢٧٤٩).

<<  <   >  >>