للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنكرت هذا الحديث، أن يكون من كلام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقالت: إنّما قال: كان أهل الجاهلية يقولون ذلك، خرّجه الإمام أحمد.

وقال معمر: سمعت من يفسّر هذا الحديث، يقول: شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يكن يغزى عليه في سبيل الله، وشؤم الدّار جار السوء. وروي هذا المعنى مرفوعا من وجوه لا تصحّ.

ومنهم من قال: قد روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «لا شؤم، وإن يكن اليمن في شيء ففي ثلاثة» (١)، فذكر هذه الثلاثة. وقال: هذه الرواية أشبه بأصول الشرع؛ كذا قاله ابن عبد البر، ولكن إسناد هذه الرواية لا يقاوم ذلك الإسناد.

والتحقيق؛ أن يقال: في إثبات الشؤم في هذه الثلاث، ما ذكرناه في النّهي عن إيراد المريض على الصحيح، والفرار من المجذوم، ومن أرض الطاعون؛ إنّ هذه الثلاث أسباب يقدّر الله تعالى بها الشؤم واليمن ويقرنه بها، ولهذا يشرع لمن استفاد زوجة، أو أمة، أو دابّة أن يسأل الله تعالى من خيرها وخير ما جبلت عليه، ويستعيذ به من شرّها وشرّ ما جبلت عليه، كما في حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي خرّجه أبو داود وغيره (٢).

وكذا ينبغي لمن سكن دارا أن يفعل. وقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم قوما سكنوا دارا فقلّ عددهم، وقلّ ما لهم أن يتركوها ذميمة (٣).

فترك ما لا يجد الإنسان فيه بركة من دار أو زوجة أو دابة غير منهيّ عنه.


(١) أخرجه: الترمذي (٢٨٢٦)، وابن ماجه (١٩٩٣).
وراجع: «الصحيحة» (١٨٩٧، ٧٩٩، ٤٤٣).
(٢) أخرجه: أبو داود (٢١٦٠)، وابن ماجه (١٩١٨)، (٢٢٥٢)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة (٢٤)»، وقواه الألباني في «آداب الزفاف» (ص ٩٢).
(٣) أخرجه: أبو داود (٣٩٢٤).

<<  <   >  >>