للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهر مشئوم، فأبطل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك؛ وهذا حكاه أبو داود عن محمد بن راشد المكحولي، عمّن سمعه يقول ذلك.

ولعلّ هذا القول أشبه الأقوال. وكثير من الجهّال يتشاءم بصفر، وربّما ينهى عن السّفر فيه. والتشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهيّ عنها، وكذلك التشاؤم بيوم من الأيام كيوم الأربعاء.

وقد روي أنّه يوم نحس مستمرّ؛ في حديث لا يصحّ، بل في «المسند» عن جابر رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا على الأحزاب يوم الإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الظهر والعصر؛ قال جابر: فما نزل بي أمر مهمّ غائظ إلاّ توخّيت ذلك الوقت، فدعوت الله فيه، فرأيت الإجابة (١)، أو كما قال. وكذلك تشاؤم أهل الجاهلية بشوّال في النّكاح فيه خاصّة.

وقد قيل: إنّ أصله أنّ طاعونا وقع في شوال في سنة من السنين، مات فيه كثير من العرائس، فتشاءم بذلك أهل الجاهلية. وقد ورد الشّرع بإبطاله، قالت عائشة رضي الله عنها: «تزوّجني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شوّال، وبنى بي في شوّال، فأيّ نسائه كان أحظى عنده منّي! وكانت عائشة تستحبّ أن تدخل نساءها في شوّال» (٢). وتزوّج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمّ سلمة في شوّال أيضا (٣).

فأمّا قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاث: في المرأة، والدّار، والدّابّة» (٤)، خرّجاه في «الصحيحين» من حديث ابن عمر، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقد اختلف الناس في معناه أيضا؛ روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها


(١) أخرجه: أحمد (٣/ ٣٣٢)، وفي إسناده ضعف.
(٢) أخرجه: مسلم (٤/ ١٤٢) (١٤٢٣)، والترمذي (١٠٩٣)، وابن ماجه (١٩٩٠).
(٣) أخرجه: ابن ماجه (١٩٩١)، وإسناده ضعيف، وراجع: «الضعيفة» (٤٣٥٠).
(٤) أخرجه: البخاري (٧/ ١٧٤) (٥٧٥٣)، ومسلم (٧/ ٣٤) (٢٢٢٥).

<<  <   >  >>