للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مات صارت روحه أو عظامه هامة، وهو طائر يطير، وهو شبيه باعتقاد أهل التناسخ؛ أنّ أرواح الموتى تنتقل إلى أجساد حيوانات من غير بعث ولا نشور، وكلّ هذه اعتقادات باطلة جاء الإسلام بإبطالها وتكذيبها، ولكن الذي جاءت به الشريعة: «إنّ أرواح الشّهداء في حواصل طير خضر تأكل من ثمار الجنّة، وترد من أنهار الجنة، إلى أن يردّها الله إلى أجسادها يوم القيامة» (١). وروي أيضا: «إنّ نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنّة حتى يرجعها الله إلى أجسادها يوم القيامة» (٢).

وأمّا قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ولا صفر» فاختلف في تفسيره؛ فقال كثير من المتقدمين:

الصّفر داء في البطن، يقال: إنه دود فيه، كبار كالحيّات، وكانوا يعتقدون أنّه يعدي، فنفى ذلك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وممن قال هذا من العلماء ابن عيينة، والإمام أحمد وغيرهما. ولكن لو كان كذلك لكان هذا داخلا في قوله: «لا عدوى». وقد يقال: هو من باب عطف الخاص على العام، وخصّه بالذكر؛ لاشتهاره عندهم بالعدوى.

وقالت طائفة: بل المراد «بصفر» شهر صفر، ثم اختلفوا في تفسيره، على قولين:

أحدهما: أنّ المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النّسيء، فكانوا يحلّون المحرّم ويحرّمون صفر مكانه؛ وهذا قول مالك.

والثاني: أنّ المراد أنّ أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ويقولون: إنه


(١) أخرجه: مسلم (٦/ ٣٩) (١٨٨٧)، والترمذي (١٦٤١) وأحمد (٦/ ٣٨٦).
(٢) أخرجه: أحمد (٣/ ٤٥٥)، والنسائي (٤/ ١٠٨)، وابن ماجه (٤٢٧١.١٤٤٩) من حديث كعب بن مالك وإسناده صحيح، وصححه الألباني في «الصحيحة» (٩٩٥).

<<  <   >  >>