للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنه سأل كعبا عن «أمّ الكتاب» فقال: علم الله ما هو خالق، وما خلقه عاملون، فقال لعلمه: كن كتابا، فكان كتابا، ولا ريب أنّ علم الله تعالى قديم أزليّ لم يزل عالما بما يحدثه من مخلوقاته، ثم إنّه تعالى كتب ذلك في كتاب عنده قبل خلق السّماوات والأرض، كما قال تعالى: {ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢].

وفي «صحيح البخاري» عن عمران بن حصين، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال:

«كان الله ولا شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذّكر كلّ شيء، ثم خلق السّماوات والأرض» (١).

وفي «صحيح مسلم» عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

«إنّ الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء» (٢).

ومن جملة ما كتبه في هذا الذّكر وهو «أمّ الكتاب» أنّ محمدا خاتم النبيّين، ومن حينئذ انتقلت المخلوقات من مرتبة العلم إلى مرتبة الكتابة، وهو نوع من أنواع الوجود الخارجيّ، ولهذا قال سعيد بن راشد: سألت عطاء: هل كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نبيّا قبل أن يخلق؟ قال: إي والله، وقبل أن تخلق الدّنيا بألفي عام.

خرّجه أبو بكر الآجري في «كتاب الشريعة». وعطاء هذا، الظّاهر أنّه الخراسانيّ.

وهذا إشارة إلى ما ذكرنا من كتابة نبوّته صلّى الله عليه وسلّم في «أمّ الكتاب» عند تقدير


(١) أخرجه: البخاري (٤/ ١٣٨) (٣١٩٢)، (٨/ ١٥٢) (٧٤١٨).
(٢) أخرجه: مسلم (٨/ ٥١) (٢٦٥٣)، وأحمد (٢/ ١٦٩)، والترمذي (٢١٥٦)، وابن حبان (٦١٣٨).

<<  <   >  >>