وإن أريد بها رؤيا عين - كما قال ابن عبّاس في قول الله عزّ وجلّ:{وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنّاسِ}[الإسراء: ٦٠]: إنها رؤيا عين أريها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليلة أسري به - فقد روي أنّ آمنة رأت ذلك عند ولادة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
قال ابن إسحاق: كانت آمنة بنت وهب تحدّث أنّها أتيت حين حملت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقيل لها: إنّك حملت بسيّد هذه الأمّة فإذا وقع على الأرض فقولي: أعيذه بالواحد من شرّ كلّ حاسد - وآية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشّام - فإذا وقع فسمّيه محمّدا، فإن اسمه في التوراة أحمد، يحمده أهل السّماء وأهل الأرض، واسمه في الإنجيل أحمد، يحمده أهل السّماء وأهل الأرض؛ واسمه في القرآن محمّد.
وذكر ابن سعد، عن الواقديّ بأسانيد له متعددة، أنّ آمنة بنت وهب قالت:
لقد علقت به - تعني النّبي صلّى الله عليه وسلّم - فما وجدت له مشقّة حتّى وضعته، فلمّا فصل منّي خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع إلى الأرض معتمدا على يديه، ثمّ أخذ قبضة من التّراب فقبضها ورفع رأسه إلى السّماء.
وفي حديث بعضهم: وقع جاثيا على ركبتيه وخرج معه نور أضاءت له قصور الشّام وأسواقها حتّى رئيت أعناق الإبل ببصرى، رافعا رأسه إلى السّماء.
وروى البيهقيّ بإسناده، عن عثمان بن أبي العاص، حدّثتني أمّي أنّها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة ولدته، قالت: فما شيء أنظر إليه من البيت إلاّ نور، وإنّي أنظر إلى النّجوم تدنو حتّى إنّي لأقول:
لتقعنّ عليّ (١). وخرّج الإمام أحمد من حديث عتبة بن عبد السّلمي، عن
(١) أخرجه: البيهقي في «دلائل النبوة» (١/ ١١١)، والطبراني (٢٥/ ١٨٦) (٤٥٧) وإسناده ضعيف جدّا. قال الهيثمي (٨/ ٢٢٠): «وفيه عبد العزيز بن عمران، وهو متروك».