للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ آمنة قالت: إنّي رأيت خرج منّي نور أضاءت منه قصور الشّام (١).

وروى ابن إسحاق، عن جهم بن أبي جهم، عن عبد الله بن جعفر، عمّن حدّثه عن حليمة أمّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم التي أرضعته، أن آمنة بنت وهب حدّثتها، قالت:

إنّي حملت به فلم أر حملا قطّ كان أخفّ عليّ منه، ولا أعظم بركة منه، لقد رأيت نورا كأنّه شهاب خرج منّي حين وضعته، أضاءت له أعناق الإبل ببصرى.

وخروج هذا النّور عند وضعه إشارة إلى ما يجيء به من النّور الذي اهتدى به أهل الأرض، وزال به ظلمة الشّرك منها، كما قال تعالى: {قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: ١٥ - ١٦].

وقال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: ١٥٧]. وفي هذا المعنى يقول العبّاس في أبياته المشهورة السائرة:

وأنت لمّا ولدت أشرقت الأرض … وضاءت بنورك الأفق

فنحن في ذلك الضّياء وفي النّور … وسبل الرّشاد نخترق

وأما إضاءة قصور بصرى بالنّور الذي خرج معه فهو إشارة إلى ما خصّ


(١) أخرجه: أحمد (٤/ ١٨٤ - ١٨٥)، والطبراني (١٧/ ٣٢٣)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (٧/ ٢)، والحاكم (٢/ ٦١٦ - ٦١٧)، وفي إسناده ضعف.

<<  <   >  >>