للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشّام من نور نبوّته، فإنّها دار ملكه. كما ذكر كعب أنّ في الكتب السابقة:

محمد رسول الله مولده بمكّة، ومهاجره يثرب، وملكه بالشّام؛ فمن مكّة بدأت نبوّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وإلى الشّام ينتهي ملكه، ولهذا أسري به صلّى الله عليه وسلّم إلى الشّام، إلى بيت المقدس، كما هاجر إبراهيم عليه السّلام من قبله إلى الشّام.

قال بعض السّلف: ما بعث الله نبيّا إلاّ من الشّام، فإن لم يبعث منها هاجر إليها. وفي آخر الزّمان يستقرّ العلم والإيمان بالشام، فيكون نور النبوّة فيها أظهر منه في سائر بلاد الإسلام.

وخرّج الإمام أحمد من حديث عمرو بن العاص، وأبي الدّرداء. وخرّج الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فأتبعته بصري، فإذا هو عمود ساطع عمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام» (١). وفي «المسند» والترمذي وغيرهما، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم» (٢). يعني الشّام.

وبالشام ينزل عيسى بن مريم عليه السّلام في آخر الزّمان، وهو المبشّر بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم، فيقرّر عند نزوله دين محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ويحكم به، ولا يقبل من أحد غير دينه، فيكسر الصّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويصلّي خلف إمام


(١) أخرجه: أحمد (٤/ ١٩٨)، (٥/ ١٩٨ - ١٩٩)، والطبراني في «مسند الشاميين» (١٣٥٧)، والحاكم (٤/ ٥٠٩)، وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٢٥٢)، والبيهقي في «الدلائل» (٤٤٨/ ٦)، والحديث صححه الحافظ في «الفتح» (١٢/ ٤٠٣).
(٢) أخرجه: أحمد (٢٠٩، ٢/ ١٩٩)، وأبو داود (٢٤٨٢)، والحاكم (٥١١، ٤/ ٥١٠)، وفي إسناده شهر بن حوشب، وهو ضعيف.
وراجع: «الضعيفة» (٣٦٩٧).

<<  <   >  >>