للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلق الله تعالى آدم من تراب الأرض، ونفخ فيه من روحه، فكانت روحه في جسده وأرواح ذريّته في أجسادهم في هذه الدّار عاريّة، وقضى عليه وعلى ذريّته أنّه لا بدّ من أن يستردّ أرواحهم من هذه الأجساد، ويعيد أجسادهم إلى ما خلقت منه، وهو التّراب، ووعد أن يعيد الأجساد من الأرض مرّة ثانية، ثمّ يردّ إليها الأرواح مرّة ثانية تمليكا دائما لا رجعة فيه في دار البقاء.

قال الله تعالى: {فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ} [الأعراف: ٢٥].

وقال تعالى: {مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى} [طه: ٥٥].

وقال: {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً} [نوح:

١٧ - ١٨].

وأرانا دليلا في هذه الدار على إعادة الأجساد من التراب بإنبات الزّرع من الأرض، وإحياء الأرض بعد موتها بالمطر، ودليلا على إعادة الأرواح إلى أجسادها بعد المفارقة بقبض أرواح العباد في منامهم، وردّها إليهم في يقظتهم، كما قال تعالى: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزّمر: ٤٢].

وفي «مسند البزار»، عن أنس، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لهم لمّا ناموا عن الصّلاة: «إنّ هذه الأرواح عاريّة في أجساد العباد فيقبضها إذا شاء ويرسلها إذا شاء» (١).

استعدّي للموت يا نفس واسعي … لنجاة فالحازم المستعدّ


(١) أخرجه: البزار (٣٩٦ - كشف)، والعقيلي (٣/ ٣٣٠)، وضعّفه، وانظر «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٣٢٦ بتحقيقي). و «مجمع الزوائد» (١/ ٣٢٢).

<<  <   >  >>