للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية أخرى أنّه قال: «ما لأحد عندنا يد إلاّ وقد كافأناه، ما خلا أبا بكر، فإنّ له عندنا يدا يكافئه الله يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قطّ ما نفعني مال أبي بكر» (١)، خرّجه الترمذيّ.

ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو كنت متّخذا من أهل الأرض خليلا، لاتّخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوّة الإسلام» (٢). لمّا كان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم خليل الله، لم يصلح له أن يخالل مخلوقا، فإنّ الخليل من جرت محبّة خليله منه مجرى الرّوح، ولا يصلح هذا لبشر، كما قيل:

قد تخلّلت مسلك الرّوح منّي … وبذا سمّي الخليل خليلا

ولهذا المعنى قيل: إنّ إبراهيم الخليل عليه السّلام أمر بذبح ولده، ولم يكن المقصود إراقة دم الولد، بل تفريغ محلّ الخلّة لمن لا يصلح أن يزاحمه فيها أحد

أروح وقد ختمت على فؤادي … بحبّك أن يحلّ به سواكا

فلو أنّي استطعت غضضت طرفي … فلم أنظر به حتّى أراكا

ثم قال صلّى الله عليه وسلّم: «لا يبقينّ خوخة في المسجد إلا سدّت إلاّ خوخة أبي بكر» (٢). وفي رواية: «سدّوا هذه الأبواب الشّارعة في المسجد إلاّ باب أبي بكر» (٣).

وفي هذا إشارة إلى أنّ أبا بكر هو الإمام بعده؛ فإنّ الإمام يحتاج إلى سكنى


(١) أخرجه: أحمد (٣٦٦، ٢/ ٢٥٣)، والترمذي (٣٦٦١)، وابن ماجه (٩٤)، وابن حبان (٦٨٥٨)، والنسائي في «الكبرى» (٨٠٤٨)، والحديث له شواهد كثيرة، وهو صحيح.
(٢) أخرجه: البخاري (٧٣، ٥/ ٤) (٣٦٥٤، ٤٦٦)، ومسلم (٧/ ١٠٨) (٢٣٨٢) عن أبي سعيد.
(٣) أخرجها: ابن أبي عاصم في «السنة» (٢/ ٥٧٩)، والدارمي (٨٢).

<<  <   >  >>