قال:«وتفعل يا ملك الموت؟»، قال: بذلك أمرت أن أطيعك في كلّ ما تأمرني به.
فقال جبريل: يا أحمد، إنّ الله قد اشتاق إليك. قال:«فامض يا ملك الموت لما أمرت به»، فقال جبريل عليه السّلام: السّلام عليك يا رسول الله، هذا آخر موطئي من الأرض، إنّما كنت حاجتي من الدّنيا. وجاءت التّعزية يسمعون الصّوت والحسّ ولا يرون الشّخص: السّلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ}[آل عمران: ١٨٥]، إن في الله عزاء من كلّ مصيبة، وخلفا من كلّ هالك، ودركا من كلّ فائت، فبالله فثقوا، وإيّاه فارجوا، إنّما المصاب من حرم الثّواب، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته (١).
وكانت وفاته صلّى الله عليه وسلّم في يوم الإثنين في شهر ربيع الأوّل بغير خلاف، وكان قد كشف السّتر في ذلك اليوم والنّاس في صلاة الصّبح خلف أبي بكر، فهمّ المسلمون أن يفتتنوا من فرحهم برؤيته صلّى الله عليه وسلّم، حين نظروا إلى وجهه كأنّه ورقة مصحف، وظنّوا أنّه يخرج للصّلاة، فأشار إليهم:«أن مكانكم»، ثم أرخى السّتر.
وتوفي صلّى الله عليه وسلّم من ذلك اليوم، وظنّ المسلمون أنّه صلّى الله عليه وسلّم قد برئ من مرضه لمّا أصبح يوم الإثنين مفيقا، فخرج أبو بكر إلى منزله بالسّنح خارج المدينة، فلما ارتفع الضّحى من ذلك اليوم توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقيل: توفي حين زاغت
(١) أخرجه بطوله: الطبراني (٣/ ١٢٩) رقم (٢٨٩٠)، والجرجاني في «تاريخ جرجان» (٣٦٣/ ١)، وابن سعد (٢/ ٢٥٩). وذكره في «مجمع الزوائد» (٩/ ٣٥) وقال: «وفيه عبد الله ابن ميمون القداح وهو ذاهب الحديث».