للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها، وظنّت أنّه يحبّ فراقها. وإنّما كان يريد تعجيلها بين يديه ليقرب اجتماعهما.

وقد كانت عائشة مضغت له صلّى الله عليه وسلّم سواكا وطيّبته بريقها، ثمّ دفعته إليه، فاستنّ به أحسن استنان، ثمّ ذهب يتناوله، فضعفت يده عنه، فسقط من يده، فكانت عائشة تقول: جمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدّنيا، وأوّل يوم من الآخرة (١). والحديث مخرّج في «الصحيحين». وفي حديث خرّجه العقيليّ أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال لها في مرضه: «ائتيني بسواك رطب، امضغيه ثم ائتيني به أمضغه لكي يختلط ريقي بريقك، لكي يهوّن به عليّ عند الموت» (٢).

قال جعفر بن محمد، عن أبيه: لمّا بقي من أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث نزل عليه جبريل عليه السّلام، فقال: يا أحمد، إنّ الله قد أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك، وخاصة لك، يسألك عمّا هو أعلم به منك، يقول لك: كيف تجدك؟ فقال: «أجدني يا جبريل مغموما، وأجدني يا جبريل مكروبا»؛ ثم أتاه في اليوم الثاني، فقال له مثل ذلك؛ ثمّ أتاه في اليوم الثالث، فقال له مثل ذلك، ثم استأذن فيه ملك الموت، فقال جبريل: يا أحمد، هذا ملك الموت يستأذن عليك، ولم يستأذن على آدمي كان قبلك، ولا يستأذن على آدميّ بعدك، قال: «ائذن له»، فدخل ملك الموت، فوقف بين يديه، فقال:

يا رسول الله، يا أحمد، إنّ الله أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك في كلّ ما تأمر؛ إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها، وإن أمرتني أن أتركها تركتها؟


(١) أخرجه: البخاري (٦/ ١٦ - ١٧) (٤٤٥١)، وأحمد (١٢١، ٦/ ٤٨ - ٢٧٤، ٢٠٠، ١٢٢)، وابن حبان (٧١١٦).
(٢) أخرجه: العقيلي (٢/ ٢٤٩) في ترجمة عبد الله بن داود الواسطي، وقال: «الكلام الأخير لا يحفظ إلا عن هذا الشيخ، ولا يتابع عليه».

<<  <   >  >>