للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي «صحيح ابن حبّان» عنها، قالت: أغمي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ورأسه في حجري، فجعلت أمسحه وأدعو له بالشّفاء؛ فلمّا أفاق، قال: «لا بل أسأل الله الرّفيق الأعلى، مع جبريل وميكائيل وإسرافيل» (١). وفيه، وفي «المسند» عنها، أنّها كانت ترقيه في مرضه الّذي مات فيه، فقال: «ارفعي يدك فإنّها كانت تنفعني في المدّة» (٢).

قال الحسن: لمّا كرهت الأنبياء الموت هوّن الله ذلك عليهم بلقاء الله عزّ وجلّ، وبكلّ ما أحبّوا من تحفة أو كرامة، حتى إنّ نفس أحدهم لتنزع من بين جنبيه وهو يحبّ ذلك، لما قد مثّل له.

وفي «المسند» عن عائشة رضي الله عنها، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّه ليهوّن عليّ الموت أنّي رأيت بياض كفّ عائشة في الجنّة» (٣). وخرّجه ابن سعد وغيره مرسلا أنّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: «لقد أريتها في الجنّة، ليهوّن بذلك عليّ موتي، كأنّي أرى كفّيها» (٤) يعني عائشة.

كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحبّ عائشة رضي الله عنها حبّا شديدا، حتّى لا يكاد يصبر عنها، فمثلت له بين يديه في الجنّة ليهوّن عليه موته؛ فإنّ العيش إنّما يطيب (٥) باجتماع الأحبّة، وقد سأله رجل: أيّ النّاس أحبّ إليك؟ فقال: «عائشة»، فقال له: فمن الرّجال؟ قال: «أبوها» (٦). ولهذا قال لها في ابتداء مرضه، لمّا قالت: وا رأساه: «وددت أنّ ذلك كان وأنا حيّ، فأصلّي عليك وأدفنك» فعظم ذلك


(١) أخرجه: ابن حبان (٦٥٩١)، والبيهقي (٢٦٩، ٤/ ٢٦٠)، وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه: أحمد (٦/ ٢٦٠)، وابن حبان (٢٩٦٢)، وإسناده ضعيف.
(٣) أخرجه: أحمد (٦/ ١٣٨)، وفي إسناده ضعف.
(٤) أخرجه: ابن سعد (٨/ ٦٦).
(٥) في ب: «فإن النفس إنما تطيب».
(٦) متفق عليه: البخاري (٥/ ٦) (٣٦٦٢) (٤٣٥٨)، ومسلم (٧/ ١٠٩) (٢٣٨٤).

<<  <   >  >>